وقد كنت شرعت في شهر الجمادى الثانية من شهور السنة الرابعة والثمانين بعد الألف والمئتين من هجرة رسول الثقلين عليه وعلى آله صلاة رب المغربين في بلدة جبليور من بلاد الدكن الواقعة في أثناء الطريق حين رحلتي الثانية(1) من الوطن إلى حيدر آباد الدكن في تأليف رسالة مشتملة على ما يتعلق باللسان الفارسية من الأحكام الفقهية، وما يتعلق بها من تحقيقها وتقسيمها، وذكر ما نسبت إليه، مع ما له وما عليه، حاوية على ذكر أقسام اللغات من العربية، والسريانية، والعبرانية، والهندية، والفارسية، وغيرها مع ذكر التفاضل، والتناسب فيما بينها، متضمنة لفوائد شريفة وفرائد لطيفة قاصدا أن أسميها:ب((آكام النفائس في أحكام لسان الفارس)).
فلما وصلت إلى حيدر آباد حفظها(1) الله عن الشر والفساد، عاقت عوائق عن إتمامها، ومنعت موانع عن اختتامها، ثم خطر بقلبي بإلهام من ربي أن أفرق هذه المباحث في رسالتين يكون كل منهما نافعة لعلماء الثقلين.
أذكر في أحديهما المسائل المتعلقة باللغة الفارسية، مع الدلائل العقلية، والنقلية.
وأورد في ثانيهما أصناف اللغات مع تحقيق النسبة فيما بينها، مع المباحث المشار إليها، باسطا كل البسط إيراد الأحاديث الواردة في مدحها وذمها مع ما لها، وما عليها، مدرجا في أثناء ذلك فوائد تطرب بها الآذان، وتنشط بها الأذهان.
لكن لم يظهر الأمر المخطور مع كرور الشهور، ومرور الدهور إلى أن أراد الله إظهار الأمر المكنون، وما شاء ربنا كونه ، فهو يكون، فتوجهت في هذه الأيام إلى تمام ذلك المرام.
مخ ۱۰