المتكلمين من أهل فزان بعث إلى عمروس بن فتح المساكني(متوفى سنة 280 ه) أن يؤلف له كتابه كتابا في الأصول فكتب إليه الكتاب المعروف بالعمروسي. وكتب له رسالة. فلما رآه الفزاني، وهو الذي وضع الكتابين المعروفين بأصول الكلام قال:» النفوسي أقوى مني « (¬1) ولم ينبه البغطوري ولا الشماخي على اسم هذا العالم المتكلم من فزان، وقد يكون عبدالخالق أو غيره .
وتحفظ لنا كتب » السير « إسم عالم آخر وهو عبد الحميد الفزاني الذي يقول عنه الوسياني :» وهو عالم كبير من علماء أهل الدعوة وكان في بلاد السودان مسيرة شهر من جبل نفوسة « (¬2) . ويذكر في الروايات أن أبا معروف ويار بن جواد الويغوي عندما أصيب ببصره بعث إلى السيخ عبد الحميد فقال : أرسل لي دواء العين، وكان جواب الشيخ عبد الحميد من جنس جواب عبدالخالق الذي ذكرناه آنفا فقد قال حين بلغته رسالة أبي معروف :» عجبا لهذا الشيخ، أعطاه الله شفاء الذنوب ثم يسأل ما يزيله عنه !! « (¬3) .
وعدا ما ذكرناه من النصوص التي تصور العلاقة العلمية بين جبل نفوسة وفزان، فنحن لا نعلم تماما متى انقطعت هذه الصلة الثقافية ولا نجد ما يعيننا على تصور مظاهر إتصالها. وقد جاء في بعض الروايات أن هذه الصلة كانت قائمة حتى أواخر أيام أبي الربيع سليمان بن هارون الملوشائي (عاش خلال الخمسين الأخيرة من المائة الرابعة للهجرة (¬4) . قال البغطوري في سير مشائخ نفوسة :وقد جاءته الكتب من فزان بعدما كبر وضعف عن القراءة، فيقول : ياليتني أدركتهم في شبيبتي، فيقرأ عليه واحد منهم، يعني طلبته، حتى يفتر ثم يرجع الآخر فيدرس عليه إلى آخر الليل (¬5) .
مخ ۱۰