والنظير في غالبها، والشبيه في بعضها ولو قل، فتنبه وتفطن لتحوز المعالي، وهذا الحديث ومثله مما يجب الإيمان بظاهره ولا دخل للعقل في شيء من ذلك؛ لما قررناه آنفا أن العقل في عقال عن مثل هذا، ويشهد لذلك حديث ابن عباس ﵄ الذي رواه مجاهد في قوله: ﴿ومن الأرض مثلهن﴾، قال: "لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم، وكفركم بتكذيبكم بها" ا. هـ. وذلك أن العقول (١)
لا تصدق بما لا تتصوره إلا إذا كانت تابعة في ذلك التصديق لحكم الشارع كما هنا وأمثاله، فالواجب الرجوع لما قررناه سابقا من الوقوف عند نص الشارع.
(بقي) علينا إذا ثبت لدينا ما تقدم ذكره: هل لكل أرض غير أرضنا سماء تظلها مزينة بكواكب ككواكب سمائنا، ويسقون منها كما نسقى من سمائنا؟ فإذا قلنا بذلك لزم زيادة السماوات على السبع، وإذا لم نقل فمن أين تضيء وتستنير أرضهم؟ ومن أين يسقون؟ إلى غير ذلك من المنافع السماوية (٢)
الجواب: لنا أن
_________
(١) قوله لا تصدق ... إلخ، ولذا قال ابن كثير: وهذا إن صح نقله عن ابن عباس يحمل على أنه أخذه من الإسرائيليات، وعلى تقدير ثبوته يكون المعنى أن ثم من يقتدى به يسمى بهذه الأسماء، وهم الرسل المبلغون الجن عن أنبياء الله، سمي كل منهم باسم الذي بلغ عنه ا. هـ. محمد الزرقاني، وعلى هذا فتحمل المثلية في الحديث على المثلية الإجمالية على نحو ما قيل في المثلية في قوله تعالى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ﴾
إلخ، أي: في تدبيره تعالى لشئونها وانقيادها لعبادته وفهم بعضها عن بعض أو بعثها وحسابها ونحو ذلك مما تتماثل فيه كل المخلوقات مماثلة تامة.
(٢) قوله الجواب لنا ... إلخ، ولنا أن نقول بالثاني وأنهم إذا كانوا من جنس الملك كما تقدم عن الإبريز في بدء خلق السماء والأرض، وسيأتي عنه في بدء خلق الشمس، فهم مستغنون عما ذكر، كما كانوا قبل خلق الشمس، وكمن فوق فلك الشمس، كما استغنوا عن الأمطار وما يترتب عنها، ولما تباينا معهم في أصل المادة فليكن في اللوازم أيضا وبما هنا يجاب عن التوقف الآتي في مبحث تعدد الأرضين.
1 / 36