أخبر به رسول الله ﷺ في حق العفريت الجني الذي قصده بشعلة نار فتلا عليه رسول الله ﷺ ما علمه له جبريل فاحترق وصار رمادا، والحديث الذي أخبر به الرسول ﵊ في شأن الجني الذي أراد أن يخلط عليه في صلاته فأمسكه ﷺ وأراد ربطه في سارية من سواري المسجد فتذكر ﷺ العهد الذي أعطاه الله تعالى لسيدنا سليمان بن داود ﵉ فأطلق سبيله، فلما أصبح أخبر أصحابه بذلك، وحديث الصحابي الذي تحت يده تمر الصدقة حيث أمسك الجني الذي يريد سرقة ما تحت يده ثلاث مرات، وفي كل مرة يحلف له بأنه لا يعود وأنه فقير ذو عيال، وهذه أحاديث مشهورة بين المسلمين فلا نحتاج لذكر ألفاظها.
والحاصل أن ظهور الجن للإنس أمر شائع ذائع منصوص عليه لا يحتاج ثبوته إلى دليل؛ إلا إذا احتاج النهار إلى دليل، نعم قامت طائفة متسربلون بسربال أهل العلم وأنكروا الجن على اختلاف في إنكارهم، فمنهم من نفى وجود الجن رأسا، ومنهم من أثبت وجودهم ونفي ظهورهم للإنس (١) ونفى أيضا مماستهم للإنس وما يقع لبعض أفراد الإنس من الصرع والتخبط
_________
(١) قوله: ونفى أيضا إلخ ومن جواب المحقق سيدي محمد بن عبد الباقي الزرقاني وقد سئل هل يمكن سلوك الجن في أجسام بنى آدم الذكر في الأنثى وعكسه؟ أنه جوز ذلك أهل السنة والجماعة كما نقله الشيخ أبو الحسن الأشعري، وأحالته طائفة من المعتزلة وقالوا: لا يمكن روحان في جسد واحد، ورد عليهم بما في الصحيح أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، ومن ثم قال عبد الله ابن الإمام أحمد لأبيه: إن قوما ما يقولون إن الجني لا يدخل في بدن المصروع، فقال: يكذبون ها هو ذا يتكلم على لسانه، أي: فدخوله في بدنه هو مذهب أهل السنة والجماعة، وجاء في عدة طرق أنه ﷺ جيء إليه بمخنوق فضرب ظهره، وقال: "اخرج عدو الله" وأخرج جماعة أن ابن مسعود قرأ في أذن مصروع: ﴿أفحسبتم إنما خلقناكم عبثا﴾ إلخ السورة فأفاق، ثم أخبر النبي ﷺ بذلك فقال: "والذي نفسي بيده لو أن رجلا موقنا قرأها على جبل لزال" ا. هـ المراد منه، وفي الانتصاف لابن المنير على الكشاف ورد: ما من مولود يولد إلا طعن الشيطان في خاصرته؛ ومن ذلك يستهل صارخا؛ إلا مريم وابنها لقول أمها: ﴿وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم﴾ وقوله ﵊ "التقطوا صبيانكم أول العشاء فإنه وقت انتشار الشياطين"
واعتقاد أهل السنة والسلف أن هذه الأمور على حقائقها واقعة كما أخبر بها الشارع ا. هـ
1 / 23