وفي مدة إقامته بشهارة سار من الكميم ببلاد الحدا الأخ عباس بن علي في نحو ألف مقاتل من خولان وغيرها ليلا إلى بيت السيد المذكور بسيان، فأخذوا من مدافن الحبوب التي في بيته للأتراك نحو ألف قدح من تلك الحبوب نفقة للمجاهدين. ورجع الأخ السيد عباس بن علي والشيخ أحمد مساعد في طائفة من قبائل خولان إلى قرية مقولة. ولما استمرت نكايتهم للأتراك ومنعهم وصول الكفايات والبقر والغنم والحبوب ونحوها من البلاد الجنوبية إلى صنعاء، فصدهم فيضي من صنعاء ثانيا إلى قرية مقولة في ستة من المدافع منها الهاون طوب. واستقر المشير بقرية سيان ونصبوا المتارس الواقية للمدافع من جميع الجهات المحيطة بمقولة، وكانت الحرب فيما حولها من فجر يوم ثاني خروج الأتراك إلى الساعة الثالثة ليلا، وانجلت المعركة على نحو خمسة وعشرين قتيلا ونحو ثلاثين جريحا من العرب، وعن أضعافهم من قتلى وجرحى الأتراك. وكانت الحرب في بعض دور القرية بعد هجوم الأتراك حتى خرج العرب من القرية وسار بعضهم فورا إلى قرية المحاقرة شمالا من قرية مقولة إلى الغرب بنية قطع طريق إمداد فيضي من صنعاء إلى مقولة. ولما بلغهم خبر وصولهم إلى المحاقرة سار في اليوم الثاني من الطريق الشرقية نحو صنعاء غير ملتفت إلى من في المحاقرة. ثم رجعت بقية الأقوام من العرب إلى بلاد خولان، ومنها سار الأخ عباس بن علي في نحو ستين رجلا من قبائل بني بهلول وخولان وبني مطر إلى قرية غيمان من بني بهلول على مسافة نحو ثلاث ساعات شرقا إلى الجنوب من صنعاء. ولما بلغ فيضي باشا خبر وصوله إلى غيمان وقلة من لديه من العرب انتهز الفرصة، فعجل إرسال يوسف باشا بردقان في ثلاثة آلاف مقاتل وأربعة من المدافع للإحاطة بالعرب الذين في غيمان وأميرهم، فلم يشعروا في الساعة الرابعة نهارا إلا بوصول الأتراك إلى موضع غيل شداد تحت حصن غيمان، فأسرع الأمير ومن بمعيته إلى ترتيب حصن غيمان وبعض الدور الحصينة، وتقدمت الأتراك بمدافعها واستعرت نار الحرب من قبيل ظهر ذلك اليوم إلى الساعة الثالثة ليلا، ودخل بعض الترك بعض دور القرية وبقي العرب في بعض دورها. ولما للأمير المذكور من المكانة الرفيعة في قلوب أهل البلاد فقد بذلوا كل مستطاعهم في صونه وسلكوا في إخراجه ليلا من طرق لا يعرفها غيرهم. وسار ليلا إلى قرية بيت الحماسي ثم إلى قرية دجة من بني بهلول. وقد انجلت معركة غيمان عن ثلاثة قتلى ومثلهم جرحى من العرب، وأضعافهم بكثير من الأتراك، ورجعوا إلى صنعاء بخفي حنين. ثم سار الأمير الأخ عباس بن علي من بعد أيام عن أمر حضرة مولانا الإمام إلى وادي الجار فيما بين أطراف بلاد آنس وبلاد الروس في نحو مائتين من العسكر لمنع الإمدادات وسوق الكفايات ونحوها لمن في قرية وعلان ومعبر ومن في ضوران من الأتراك والتخطف لهم ولأثقالهم ونحوها في الطرقات وبقي فيمن معه هنالك نحو شهر لم يظفروا بشيء من المقصود لهم، وعم العسكر المرض من الحمى ونحوها لضعف الهواء بوادي الجار، فأذن الإمام أيده الله برجوعهم إلى بلاد خولان.
حروب بلاد رداع ويريم والشعر والطويلة وهمدان والمحويت
مخ ۱۲۶