احمد عرابي زعيم مفتری علیه

محمود خفيف d. 1380 AH
121

احمد عرابي زعيم مفتری علیه

أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

ژانرونه

وذهب وفد كبير من العلماء إلى درويش باشا، يحملون مكتوبا موقعا عليه منهم ومن عدد عظيم من الناس يطلبون فيه رفض الإنذار الأجنبي، وخاصة ما جاء فيه عن إبعاد عرابي ...

وأغلظ درويش في مخاطبة الشيخ الذي تكلم باسم العلماء، وهو الشيخ محمد خضير، وانتهره قائلا: «أمسك لسانك، فما جئت هنا لأستمع إلى النصائح من أحد، وإنما جئت لآمر أوامري.» ثم صرفهم في جفاء وخشونة، وفي الوقت نفسه أعطى الحلة العثمانية لشيخ الإسلام ولبعض العلماء ...

وحسب درويش أنه بذلك أخاف العلماء، ولكن ما لبث أن تبين له خطأه ... فقد اجتمع طلاب الأزهر في اليوم التالي بسبب ما علموا من إهانة علمائهم، وتعددت الاجتماعات في جهات من المدينة، وبدأ الناس يظهرون خوفهم وسخطهم على الوفد التركي، وخاصة أن عددا كبيرا من الأعيان أرسلوا إليه يحتجون على مسلكه نحو رجال الدين ...

ورأى درويش أن عليه أن يصلح ما أفسد، وأيقن أن لهجة الأمر والنهي لم تعد تجد في مصر جوا ملائما لها، وفطن إلى أنه تلقاء أمة جادة، خلعت منذ يوم عابدين عن أعناقها أغلال العبودية، ومضت قدما في سبيل الكرامة القومية ...

وكان الرجل غافلا يظن أنه كفيل - وهو مندوب السلطان - أن يلقي الرعب في قلب كل امرئ مهما علا مقامه، وفاته أن مصر اليوم غيرها بالأمس؛ لأن فيها حركة وطنية تغلغلت في أقاليمها، وشملت جميع طبقاتها ...

وفي يوم السبت الموافق اليوم العاشر من يونيو، أرسل درويش في طلب عرابي ومحمود سامي، وكان حتى ذلك الوقت يظهر أنه لا يحب أن يراهما ...

وقد أورد جون نينيه حديث هذا اللقاء، وأخذه عنه بلنت قائلا إنه يثق في صحته كل الثقة، أما نينيه فيذكر أنه أخذه عن عرابي،

10

وأنه سمع مثله من البارودي على أن الشيخ محمد عبده قد ذكر عن هذا اللقاء ما لا يختلف في جوهره عن حديث جون نينيه.

قال جون نينيه: «أظهر درويش المودة لعرابي ولسامي وأجلسهما بجانبه تكريما لهما، ثم قال: نحن هنا جميعا أشبه بإخوة، ونحن أبناء السلطان، وأنا بلحيتي هذه البيضاء أقوم منكم مقام الأب، وهدفنا جميعا واحد، وهو مقاومة الدخيل والعمل على رحيل الأساطيل، التي هي إهانة للسلطان وتهديد لمصر، ثم ذكر أنه يجب عليهم أن يعملوا جميعا لهذه الغاية، وخاصة عرابي والوزارة ليظهروا حماستهم نحو مولاهم، وأن خير ما يفعل في ذلك هو اعتزالهم مناصب الجندية ولو في ظاهر الأمر فقط، ولكي يرضي عرابي السلطان ينبغي أن يسافر إلى الآستانة ليقيم هناك بعض الوقت. وأجاب عرابي على ذلك بقوله إنه مستعد لأن يعتزل، ولكن الظرف دقيق، ولما كان قد أخذ على عاتقه تبعة عظمى هي حفظ النظام والأمن فإنه لا يرضى بأنصاف الحلول، وإنه إذا اعتزل فإنما يعتزل حقا، ولكنه لن يفعل ذلك إلا إذا أخلي كتابة من كل تبعة، لأنه لا يقبل أن يكون مسئولا عن أشياء لم تكن له يد فيها، لقد اتهم بإساءة التصرف والاستبداد والإرهاب وغير ذلك، ولذلك فهو لا يدع منصبه إلا إذا أبرئت ذمته كتابة من جميع هذه التهم، وسوف يذهب إلى القسطنطينية بعد هدوء الحال فردا عاديا ليقدم ولاءه للسلطان ... ولم يكن درويش يتوقع هذه الإجابة ولذلك فقد كرهها، وتغير وجهه، ولكنه قال: دعنا نعد المسألة منتهية ولتبرق في الحال إلى محافظة الإسكندرية وقائد حاميتها أنك اعتزلت ما أنت مكلف به ووضعته في يدي ، وأنك وكيلي منذ اليوم، وعندما يجتمع القناصل والخديو يوم الاثنين في عابدين سأعطيك ما يعفيك من كل تبعة ...

ناپیژندل شوی مخ