احلام له موره: د نژاد او میراث کیسه
أحلام من أبي: قصة عرق وإرث
ژانرونه
أعددت الأريكة لأوما لتنام عليها في حين كانت هي تنظف أسنانها. وسرعان ما استغرقت في سبات عميق تحت البطانية وهي منكمشة على نفسها. أما أنا فظللت مستيقظا، متكئا على مقعد في ضوء مصباح المكتب، وأخذت أنظر إلى هدوء وجهها وأستمع إلى إيقاع تنفسها، محاولا فهم ما قالته واستيعابه. شعرت أن حياتي انقلبت رأسا على عقب، تماما كما لو أنني استيقظت من النوم فوجدت الشمس زرقاء وسط سماء صفراء، أو كما لو أنني سمعت الحيوانات تتحدث مثلنا نحن بني البشر. إنني طيلة حياتي حملت في ذاكرتي صورة واحدة لأبي، أتمرد عليها في بعض الأحيان لكن دون أن أناقشها، صورة حاولت أن أتخذها لنفسي فيما بعد. صورة المثقف الذكي والصديق السخي، والقائد المستقيم ... ففي والدي اجتمعت كل هذه الصفات. أقول كل هذه الصفات وأكثر لأنه لولا زيارته القصيرة لي في هاواي لم يكن ليظهر في حياتي إطلاقا لينتقص من هذه الصورة لأنني لم أر ما يراه معظم الرجال في مرحلة ما في حياتهم، مثل رؤية جسد أبيهم وهو يتضاءل، أو آماله وهي تتبخر، أو علامات الحزن والندم وهي تكسو وجهه.
نعم، لقد رأيت مراحل الضعف هذه في شخصيات أخرى؛ في جدي وشعوره بالإحباط، وفي لولو والتنازلات التي قدمها. لكن هذين الرجلين أصبحا عبرة لي، ربما أحببتهما لكنني لم أحاول إطلاقا تقليدهما، الأبيض منهما أو الأسمر اللذين لم ينطبق مصيرهما على مصيري. كانت الصورة التي رسمتها لأبي - الرجل الأسود ابن القارة الأفريقية - متضمنة كل الصفات التي سعيت لأن أتسم بها؛ سمات مارتن ومالكولم ودوبواز ومانديلا. وإذا كنت بعد ذلك رأيت أن الرجال السود الذين عرفتهم - فرانك أو راي أو ويل أو رفيق - فشلوا في الارتقاء إلى هذه المعايير السامية، وإذا ما تعلمت احترامهم من أجل كفاحهم الذي خاضوه والاعتراف بأنهم بمنزلة أهل لي، فإن صوت والدي ظل مع ذلك لم يمسسه سوء، ملهم وموبخ، يوافقني على أفعالي أو يمتنع عن منحي هذه الموافقة. فكنت كأني أسمعه أحيانا يقول لي: «إنك لا تعمل بجد كاف يا باري. لا بد أن تساعد زملاءك في كفاحهم. انتبه أيها الرجل الأسود!»
والآن - بعدما جلست في ضوء المصباح الكهربائي متأرجحا قليلا على مقعد صلب الظهر - تلاشت هذه الصورة عن أبي على حين غرة وحلت محلها ... ماذا؟ شخص سكير؟ زوج بذيء اللسان؟ موظف حكومي مهزوم ووحيد؟ اعتقدت أنني طوال حياتي كنت أكافح من أجل شيء ليس أكثر من شبح! وللحظة شعرت بدوار، وإن لم تكن أوما في الغرفة كنت سأضحك بصوت عال. لقد خلع الملك عن عرشه. ونحيت جانبا الستائر الخضراء الزمردية. وباتت حشود الغوغاء داخل عقلي لها مطلق الحرية في أن تتجاوز جميع الحدود؛ أي يمكنني فعل ما يخطر ببالي ويسعدني. فلا أحد لديه السلطة - ما عدا أبي - لأن ينهني عن ذلك. ومهما أفعل من سوء فلن يكون أسوأ مما فعله هو نفسه.
انقضى الليل ببطء شديد وحاولت أن أستعيد توازني في ظل شعوري بعدم الرضا كثيرا عن تحرري الذي ما لبثت أن اكتشفته. فماذا سيقف في طريق خضوعي للهزيمة نفسها التي أطاحت بوالدي؟ ومن ذا الذي سيحميني من الشك أو يحذرني من جميع الأشراك الدفينة في روح رجل أسود؟ إن الصورة الخيالية التي رسمتها لأبي ساعدت على الأقل في إبعادي عن الشعور باليأس. لكنه الآن مات، حقيقة لا خيالا. ولم يعد في مقدوره إخباري كيف أعيش.
ربما كان كل ما يستطيع إخباري به هو ما حدث له بالفعل. وخطر ببالي أنني مع كل هذه المعلومات الجديدة فإنني لا أزال لا أعرف الرجل الذي كان أبا لي. ما الذي حل بقوته والتزامه في الحياة؟ ما الذي شكل طموحاته؟ لقد تخيلت مجددا المرة الأولى والأخيرة التي تقابلنا فيها، واكتشفت أن الرجل الذي عرفته بعد سرد كل هذه الحقائق لا بد أنه كان متخوفا من المستقبل مثلما كنت، كان رجلا عاد إلى هاواي لينعم النظر في ماضيه وربما يحاول أن يستعيد أفضل جزء في كيانه؛ الجزء الضائع. لم يكن عندئذ قادرا على إخباري بمشاعره الحقيقية مثلما لم أستطع التعبير عن رغباتي وأنا في العاشرة من عمري. لقد تبلدت مشاعرنا عند رؤية أحدنا الآخر، وعجزنا عن الفرار من الشكوك التي كانت أرواحنا في حاجة إليها إذا ما نظرنا إلى الأمر عن قرب. والآن بعد 15 سنة نظرت إلى وجه أوما النائم ورأيت الثمن الذي دفعناه مقابل هذا الصمت. •••
بعد 10 أيام جلست أنا وأوما على المقاعد البلاستيكية الصلبة في صالة المغادرة في المطار، لنشاهد الطائرات من الجدار الزجاجي المرتفع. وسألتها عما تفكر فيه فابتسمت ابتسامة رقيقة.
وقالت: «كنت أفكر في أليجو، في ميدان هوم.» وتابعت: «أرض جدي التي لا تزال الجدة تعيش فيها. إنها أجمل بقعة يا باراك. عندما أكون في ألمانيا ويكون الطقس باردا في الخارج وأشعر بالوحدة أغمض عيني في بعض الأحيان وأتخيل أنني هناك. في الأرض الفسيحة جالسة ومن حولي الأشجار الكبيرة التي زرعها جدنا. أتخيل الجدة وهي تتحدث وتخبرني بأشياء مسلية، وأسمع البقرة وهي تمشي خلفنا، ونقر الدجاج على حدود الحقل، وأشم رائحة النار في أكواخ إعداد الطعام. وتحت شجرة المانجو - بالقرب من حقول الذرة - ترقد جثة أبينا ...»
كانت الطائرة قد بدأت استقبال الركاب. لكننا ظللنا جالسين وأغمضت أوما عينيها وشدت على يدي.
وقالت: «علينا أن نذهب إلى بلدنا» وتابعت: «علينا أن نعود إلى وطننا يا باراك ونراه هناك.»
الفصل الثاني عشر
ناپیژندل شوی مخ