احلام له موره: د نژاد او میراث کیسه
أحلام من أبي: قصة عرق وإرث
ژانرونه
أثرت في العزلة التي عبر عنها المشهد، ولوهلة قصيرة تمنيت لو أنني قد عرفت اسم العجوز. ثم ندمت على الفور على هذه الأمنية وما صاحبها من حزن. وشعرت كما لو أن تفاهما قد نشأ بيننا، كما لو أن العجوز كان يهمس في تلك الشقة الخاوية تاريخا لم يروه أحد، يخبرني بأشياء لا أحب أن أسمعها.
بعد ذلك بشهر أو أكثر على ما أظن، في صباح يوم بارد كئيب من أيام شهر نوفمبر، كانت الشمس باهتة خلف ضباب السحب؛ جاءت المكالمة الهاتفية. كنت أعد الفطور لنفسي والقهوة على الموقد والبيض في المقلاة، عندما ناولني رفيقي الهاتف، كان الصوت بعيدا ومشوشا: «باري؟ باري، أهذا أنت؟» «نعم ... من المتحدث؟» «نعم يا باري ... أنا عمتك جين من نيروبي، هل تسمعني؟» «عفوا، قلت من؟» «عمتك جين، استمع إلي يا باري، لقد توفي أبوك. مات في حادث سيارة. باري؟ هل تسمعني؟ أقول إن أباك قد توفي. باري من فضلك اتصل بعمك في بوسطن وأخبره. لا يمكنني التحدث الآن. سأحاول الاتصال بك مرة أخرى ...»
كان هذا هو كل ما جاء في المحادثة. وانقطع الخط فجلست على الأريكة وانتشرت رائحة البيض وهو يحترق في المطبخ، أخذت أحملق في شقوق طلاء الحائط أحاول أن أقدر حجم خسارتي. •••
لم يكن أبي عندما توفي إنسانا عاديا من وجهة نظري؛ بل كان أسطورة. ترك أبي هاواي عام 1963حينها لم أكن قد تجاوزت الثانية من عمري؛ لذا لم أعرف أبي حين كنت طفلا إلا من حكايات أمي وجدي. وكان لكل منهم حكاياته المفضلة، وكل منها مترابط وسلس من كثرة التكرار. ولا يزال بإمكاني تخيل صورة جدي وهو ينحني إلى الوراء في مقعده الوثير بعد العشاء ويرتشف الويسكي وينظف أسنانه بورق سيلوفان من علبة سجائره ويحكي لي كيف كاد أبي أن يرمي برجل من على جرف «بالي لوك أوت» بسبب غليون: «قرر والداك أن يصطحبا صديق أبيك في جولة سياحية حول الجزيرة. ذهبا بالسيارة إلى جرف لوك أوت، وكان باراك على الأرجح يسير على الجانب الخاطئ طوال الطريق إلى هناك.»
عقبت أمي قائلة: «كان والدك سائقا سيئا.» وتابعت: «وكان ينتهي به الحال إلى الجانب الأيسر من الطريق بالطريقة التي يقود بها البريطانيون، وإذا قلت له شيئا، تجده يبدي سخطه على القواعد الأمريكية السخيفة ...» «حسنا، في تلك المرة نجحوا في الوصول سالمين، وخرجوا من السيارة ووقفوا على الحاجز المعدني المقام على الجرف ليتأملوا المشهد. كان باراك يدخن من الغليون الذي أعطيته إياه في عيد ميلاده، ويشير بمقدمته إلى جميع المشاهد مثل قبطان بحري ...»
وهنا تقاطع أمي مرة أخرى: «لقد كان أبوك فخورا حقا بذلك الغليون.» وتابعت: «كان يدخن منه طوال الليل وهو يذاكر، وفي بعض الأحيان ...» «حسنا يا آن، هل تودين أن تحكي أنت القصة أم ستدعينني أكملها؟» «آسفة يا أبي. تفضل.» «على أية حال، كان ذلك الفتى المسكين طالبا أفريقيا أيضا، أليس كذلك؟ كان قد وصل لتوه إلى أمريكا. ولا بد أن ذلك الفتى المسكين قد أعجب بالطريقة التي يتحدث بها باراك وهو يشير بالغليون؛ إذ طلب أن يجربه، فكر والدك في الأمر لدقيقة ثم وافق في النهاية، وما إن بدأ الفتى في التدخين منه حتى داهمته نوبة سعال. وأخذ يسعل بقوة حتى إن الغليون انزلق من يده وسقط من فوق الحاجز، من ارتفاع مائة قدم ليستقر أسفل الجرف.»
ثم يتوقف جدي ليرتشف من زجاجته قبل أن يستأنف كلامه. قال: «حسنا، كان أبوك لطيفا بما يكفي لأن ينتظر حتى ينتهي صديقه من السعال ثم أمره أن يقفز من فوق الحاجز ويعيد له الغليون. فنظر الرجل أسفل الجرف الذي يهبط بزاوية قائمة وقال لباراك إنه سيشتري له واحدا آخر عوضا عنه ...»
قالت جدتي من المطبخ: «أمر معقول جدا.» (كنا نطلق على جدتي توتو، أو اختصارا توت، وتعني «الجدة» بلغة هاواي لأنها رأت في اليوم الذي ولدت فيه أنها لا تزال صغيرة للغاية كي يخاطبها أحد بلقب جدتي.) فيعقد جدي ما بين حاجبيه ويقرر أن يتجاهلها: «لكن باراك كان مصرا على استعادة غليونه؛ لأنه كان هدية ولا شيء يعوضه عنه. فألقى الفتى نظرة أخرى وهز رأسه مرة أخرى، وهنا رفعه والدك من على الأرض وبدأ يؤرجحه على الحاجز!»
ويطلق جدي صيحة ويضرب على ركبته بمرح. ويضحك وفي هذه اللحظة أتخيل نفسي أنظر إلى والدي الأسمر البشرة واقفا قبالة الشمس الساطعة، وذراعا صديقه المذنب تلوحان في الهواء وأبي يحمله عاليا؛ يا لها من رؤية مخيفة لتحقيق العدالة.
فتقول أمي وهي تنظر إلي بقلق: «إنه لم يكن يحمله فوق الحاجز بالضبط يا أبي»، ولكن جدي يأخذ رشفة أخرى من الويسكي ويستمر في الحديث: «عندئذ، بدأ الناس يحدقون فيما يحدث، وأمك تناشد باراك أن يتوقف، وأظن أن صديقه كان يحبس أنفاسه ويتلو صلواته. وعلى أية حال، بعد بضع دقائق ترك والدك الرجل يهبط على قدميه مرة أخرى، وربت على ظهره واقترح بهدوء أن يذهبوا جميعا ويحتسوا الجعة. وما لا يخطر لك على بال أن أباك استمر في التصرف بهذه الطريقة لما تبقى من الرحلة، وكأن شيئا لم يكن. وبالطبع كانت والدتك عندما عادا إلى المنزل ما زالت غاضبة إلى حد بعيد. في الحقيقة كانت تتحدث إلى والدك بالكاد، ولم يكن والدك يساعد على تحسين الأمور. فعندما حاولت والدتك أن تخبرنا بما حدث، هز رأسه وبدأ يضحك، وقال لها: «اهدئي يا آنا»، كان صوت والدك عميقا جهوريا ويتحدث باللكنة البريطانية. وهنا يثني جدي ذقنه إلى عنقه ليحقق التأثير الكامل. ويستكمل: «اهدئي يا آنا.» ويتابع: «ما أردت إلا تعليم ذلك الشاب درسا عن العناية اللائقة بممتلكات الآخرين!»»
ناپیژندل شوی مخ