69

الاحکام السلطانیه

الأحكام السلطانية

خپرندوی

دار الحديث

د خپرونکي ځای

القاهرة

كَانَ إذَا أَعْلَمَ بِهَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ سَيُقَاتِلُ وَيُبْلِي، وَمَشَى إلَى الْحَرْبِ وَهُوَ يَقُولُ مِنَ السَّرِيع: أَنَا الَّذِي أَخَذْتُهُ فِي رَقِّهِ ... إذْ قَالَ مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ قَبِلْتُهُ بِعَدْلِهِ وَصِدْقِهِ ... لِلْقَادِرِ الرَّحْمَنِ بَيْنَ خَلْقِهِ الْمُدْرَكِ الْفَائِضِ فَضْلُ رِزْقِهِ ... مَنْ كَانَ فِي مَغْرِبِهِ وَشَرْقِهِ ثُمَّ جَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: "إنَّهَا لَمِشْيَةٌ يَبْغُضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ"، وَدَخَلَ فِي الْحَرْبِ مُبْتَدِئًا بِالْقِتَالِ، فَأَبْلَى وَأَنْكَى وَهُوَ يَقُولُ مِنَ السَّرِيعِ: أَنَا الَّذِي عَاهَدَنِي خَلِيلِي ... وَنَحْنُ بِالسَّفْحِ مِنَ النَّخِيلِ أَلَّا أَقُومَ الدَّهْرَ فِي الْكُبُولِ ... أَخَذْتُ سَيْفَ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَإِذَا جَازَتِ الْمُبَارَزَةُ بِمَا اسْتَشْهَدْنَا مِنْ حَالِ الْمُبْتَدِئِ بِهَا وَأُجِيبَ إلَيْهَا، كَانَ لِتَمْكِينِ الْمُبَارَزَةِ شَرْطَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ ذَا نَجْدَةٍ وَشَجَاعَةٍ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَنْ يَعْجَزَ عَنْ مُقَاوَمَةِ عَدُوِّهِ، فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ مُنِعَ. وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ زَعِيمًا لِلْجَيْشِ يُؤَثِّرُ فَقْدُهُ فِيهِمْ، فَإِنَّ فَقْدَ الزَّعِيمِ الْمُدَبِّرِ مُفْضٍ إلَى الْهَزِيمَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَقْدَمَ عَلَى الْبِرَازِ ثِقَةً بِنَصْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَإِنْجَازِ وَعْدِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، وَيَجُوزُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ إذَا حُضَّ عَلَى الْجِهَادِ أَنْ يُحَرِّضَ لِلشَّهَادَةِ مِنَ الرَّاغِبِينَ فِيهَا مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي الْمَعْرَكَةِ يُؤْثِرُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ؛ إمَّا تَحْرِيضُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْقِتَالِ حَمِيَّةً لَهُ، وَإِمَّا تَخْذِيلُ الْمُشْرِكِينَ بِجَرَاءَةٍ عَلَيْهِمْ فِي نُصْرَةِ اللَّهِ. حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ خَرَجَ مِنَ الْعَرِيشِ يَوْمَ بَدْرٍ فَحَرَّضَ النَّاسَ عَلَى الْجِهَادِ وَقَالَ: "لِكُلِّ امْرِئٍ مَا أَصَابَ"؟ وَقَالَ: "وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَا يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ، فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا، مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، إلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ" فَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ حُمَامٍ مِنْ بَنِي مَسْلَمَةَ وَفِي يَدِهِ تَمَرَاتٌ يَأْكُلُهُنَّ: بَخٍ بَخٍ، مَا بَقِيَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْجَنَّةِ إلَّا أَنْ يَقْتُلَنِي هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ، ثُمَّ قَذَفَ بِالتَّمَرَاتِ مِنْ يَدِهِ وَأَخَذَ سَيْفَهُ فَقَاتَلَ الْقَوْمَ حَتَّى قُتِلَ ﵀، وَهُوَ يَقُولُ مِنْ

1 / 76