الاحکام السلطانیه

الماوردي d. 450 AH
25

الاحکام السلطانیه

الأحكام السلطانية

خپرندوی

دار الحديث

د خپرونکي ځای

القاهرة

وَعَلَيْهِمْ فَغَلَبَ حُكْمُ الْمَنْصِبِ عَلَى حُكْمِ النَّسَبِ وَلَمْ يَجْعَلْ لِلتُّهْمَةِ طَرِيقًا عَلَى أَمَانَتِهِ وَلَا سَبِيلًا إلَى مُعَارَضَتِهِ وَصَارَ فِيهَا كَعَهْدِهِ بِهَا إلَى غَيْرِ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ، وَهَلْ يَكُونُ رِضَا أَهْلِ الِاخْتِيَارِ بَعْدَ صِحَّةِ الْعَهْدِ مُعْتَبَرًا فِي لُزُومِهِ لِلْأُمَّةِ أَوْ لَا؟ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ مِنَ الْوَجْهَيْنِ. وَالْمَذْهَبُ الثَّالِثُ: إِنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعَقْدِ الْبَيْعَةِ لِوَالِدِهِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِهَا لِوَلَدِهِ؛ لِأَنَّ الطَّبْعَ يَبْعَثُ عَلَى مُمَايَلَةِ الْوَلَدِ أَكْثَرُ مِمَّا يَبْعَثُ عَلَى مُمَايَلَةِ الْوَالِدِ، وَلِذَلِكَ كَانَ كُلُّ مَا يَقْتَنِيهِ فِي الْأَغْلَبِ مَذْخُورًا لِوَلَدِهِ دُونَ وَالِدِهِ؛ فَأَمَّا عَقْدُهَا لِأَخِيهِ وَمَنْ قَارَبَهُ مِنْ عَصَبَتِهِ وَمُنَاسِبِيهِ، فَكَعَقْدِهَا لِلْبُعَدَاءِ الْأَجَانِبِ فِي جَوَازِ تَفَرُّدِهِ بِهَا.
فصل: "في عهد الخليفة بالخلافة إلى من يلي بعده" وَإِذَا عَهِدَ الْإِمَامُ بِالْخِلَافَةِ إلَى مَنْ يَصِحُّ الْعَهْدُ إلَيْهِ عَلَى الشُّرُوطِ الْمُعْتَبَرَةِ فِيهِ، كَانَ الْعَهْدُ مَوْقُوفًا عَلَى قَبُولِ الْمُوَلَّى١. وَاخْتُلِفَ فِي زَمَانِ قَبُولِهِ فَقِيلَ: بَعْدَ مَوْتِ الْمُوَلِّي فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَصِحُّ فِيهِ نَظَرُ الْمُوَلَّى؛ وَقِيلَ -وَهُوَ الْأَصَحُّ: إنَّهُ مَا بَيْنَ عَهْدِ الْمُوَلِّي وَمَوْتِهِ لِتَنْتَقِلَ عَنْهُ الْإِمَامَةُ إلَى الْمُوَلَّى مُسْتَقِرَّةً بِالْقَبُولِ الْمُتَقَدِّمِ، وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ الْمُوَلَّى عَزْلُ مَنْ عَهِدَ إلَيْهِ مَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ وَإِنْ جَازَ لَهُ عَزْلُ مَنِ اسْتَنَابَهُ مِنْ سَائِرِ خُلَفَائِهِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَخْلِفٌ لَهُمْ فِي حَقِّ نَفْسِهِ، فَجَازَ لَهُ عَزْلُهُمْ، وَمُسْتَخْلِفٌ لِوَلِيِّ عَهْدِهِ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ، كَمَا لَمْ يَكُنْ لِأَهْلِ الِاخْتِيَارِ عَزْلُ مَنْ بَايَعُوهُ إذَا لَمْ يَتَغَيَّرْ حَالُهُ، فَلَوْ عَهِدَ الْإِمَامُ بَعْدَ عَزْلِ الْأَوَّلِ إلَى ثَانٍ كَانَ عَهْدُ الثَّانِي بَاطِلًا وَالْأَوَّلُ عَلَى بَيْعَتِهِ، فَإِنْ خَلَعَ الْأَوَّلُ نَفْسَهُ لَمْ يَصِحَّ بَيْعَةُ الثَّانِي حَتَّى يَبْتَدِئَ. وَإِذَا اسْتَعْفَى وَلِيُّ الْعَهْدِ لَمْ يَبْطُلْ عَهْدُهُ بِالِاسْتِعْفَاءِ حَتَّى يُعْفَى لِلُزُومِهِ مِنْ جِهَةِ الْمُوَلَّى ثُمَّ نُظِرَ، فَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ جَازَ اسْتِعْفَاؤُهُ وَخَرَجَ مِنْ الْعَهْدِ بِإِجْمَاعِهِمَا عَلَى الِاسْتِعْفَاءِ وَالْإِعْفَاءِ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهُ لَمْ يَجُزْ اسْتِعْفَاؤُهُ وَلَا إعْفَاؤُهُ، وَكَانَ الْعَهْدُ عَلَى لُزُومِهِ مِنْ جِهَتَيْ الْمُوَلَّى

١ قلت: هكذا وبكل غرابة جعل المصنِّف الأمر محصورًا في عهد الإمام وقبول المولَّى، وكأنَّ الأمة لا دخل لها في الأمر!!.

1 / 32