الاحکام السلطانیه

الماوردي d. 450 AH
154

الاحکام السلطانیه

الأحكام السلطانية

خپرندوی

دار الحديث

د خپرونکي ځای

القاهرة

صَلَاةٌ أُخْرَى وَالْإِمَامُ عَلَى غَيْبَتِهِ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّ الْمُرْتَضَى لِلصَّلَاةِ الْأُولَى يَتَقَدَّمُ فِي الثَّانِيَةِ وَمَا بَعْدَهَا، إلَى أَنْ يَحْضُرَ الْإِمَامُ الْمُوَلَّى، وَقِيلَ: بَلْ يُخْتَارُ لِلصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ ثَانٍ يُرْتَضَى لَهَا غَيْرَ الْأَوَّلِ؛ لِئَلَّا يَصِيرَ هَذَا الِاخْتِيَارُ تَقَلُّدًا سُلْطَانِيًّا، وَاَلَّذِي أَرَاهُ أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ: أَنْ يُرَاعَى حَالُ الْجَمَاعَةِ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ، فَإِنْ حَضَرَ لَهَا مَنْ حَضَرَ فِي الْأُولَى كَانَ الْمُرْتَضَى فِي الْجَمَاعَةِ الْأُولَى أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ فِي الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ، وَإِنْ حَضَرَهَا غَيْرُهُمْ كَانَ الْأَوَّلُ كَأَحَدِهِمْ، وَاسْتَأْنَفُوا اخْتِيَارَ إمَامٍ يَتَقَدَّمُهُمْ، فَإِذَا صَلَّى إمَامُ هَذَا الْمَسْجِدِ بِجَمَاعَةٍ، وَحَضَرَ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ تِلْكَ الْجَمَاعَةَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُصَلُّوا فِيهِ جَمَاعَةً، وَصَلَّوْا فِيهِ فُرَادَى، لِمَا فِيهِ مِنْ إظْهَارِ الْمُبَايَنَةِ وَالتُّهْمَةِ بِالْمُشَاقَّةِ وَالْمُخَالَفَةِ. وَإِذَا قَلَّدَ السُّلْطَانُ لِهَذَا الْمَسْجِدِ إمَامَيْنِ، فَإِنْ خَصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ جَازَ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَقْصُورًا عَلَى مَا خُصَّ بِهِ؛ كَتَقْلِيدِ أَحَدِهِمَا صَلَاةَ النَّهَارِ، وَتَقْلِيدِ الْآخَرِ صَلَاةَ اللَّيْلِ، فَلَا يَتَجَاوَزُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا رَدَّهُ إلَيْهِ، وَإِنْ قَلَّدَ الْإِمَامَةَ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبَعْضِ الصَّلَوَاتِ لَكِنْ رَدَّ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَوْمًا غَيْرَ يَوْمِ صَاحِبِهِ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي يَوْمِهِ أَحَقَّ بِالْإِمَامَةِ فِيهِ مِنْ صَاحِبِهِ، فَإِنْ أَطْلَقَ تَقْلِيدَهُمَا مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ كَانَا فِي الْإِمَامَةِ سَوَاءً، وَأَيُّهُمَا سَبَقَ إلَيْهَا كَانَ أَحَقَّ بِهَا، وَلَمْ يَكُنْ لِلْآخَرِ أَنْ يَؤُمَّ فِي تِلْكَ الصَّلَاةِ بِقَوْمٍ آخَرِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَامَ فِي الْمَسَاجِدِ السُّلْطَانِيَّةِ جَمَاعَتَانِ فِي صَلَاةٍ وَاحِدَةٍ. وَاخْتُلِفَ فِي السَّبْقِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ بِهِ التَّقَدُّمُ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: سَبْقُهُ بِالْحُضُورِ فِي الْمَسْجِدِ. وَالثَّانِي: سَبْقُهُ بِالْإِمَامَةِ فِيهِ، فَإِنْ حَضَرَ الْإِمَامَانِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَسْبِقْ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ، فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى تَقْدِيمِ أَحَدِهِمَا كَانَ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ، وَإِنْ تَنَازَعَا فَفِيهِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا يُقْرِعُ بَيْنَهُمَا وَيَتَقَدَّمُ مَنْ قَرَعَ مِنْهُمَا. وَالثَّانِي: يَرْجِعُ إلَى اخْتِيَارِ أَهْلِ الْمَسْجِدِ لِأَحَدِهِمَا. وَيَدْخُلُ فِي وِلَايَةِ هَذَا الْإِمَامِ تَقْلِيدُ الْمُؤَذِّنِينَ مَا لَمْ يُصَرَّحْ لَهُ بِالصَّرْفِ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ مِنْ سُنَنِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي وَلِيَ الْقِيَامَ بِهَا

1 / 161