احکام قران
أحكام القرآن لابن العربي
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
بِمَكَّةَ وَمِمَّنْ بَعُدَ، لَيْسَ بَعْضُهَا مُقَدَّمًا عَلَى الْبَعْضِ فِي الصَّوَابِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي وَلَّى جَمِيعَهَا وَشَرَعَ جُمْلَتَهَا، وَهِيَ وَإِنْ كَانَتْ مُتَعَارِضَةً فِي الظَّاهِرِ وَالْمُعَايَنَةِ، فَإِنَّهَا مُتَّفِقَةٌ فِي الْقَصْدِ وَامْتِثَالِ الْأَمْرِ.
وَقُرِئَ: هُوَ مُوَلَّاهَا، يَعْنِي الْمُصَلِّيَ؛ التَّقْدِيرُ: الْمُصَلِّي هُوَ مُوَجَّهٌ نَحْوَهَا، وَكَذَلِكَ قَبْلُ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ هُوَ مُوَلِّيهَا؛ إنَّ الْمَعْنَى أَيْضًا أَنَّ الْمُصَلِّيَ هُوَ مُتَوَجِّهٌ نَحْوَهَا؛ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ فِي النَّظَرِ، وَأَشْهَرُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالْخَبَرِ.
[مَسْأَلَةُ الْمُبَادَرَةِ وَالِاسْتِعْجَالِ إلَى الطَّاعَاتِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: ١٤٨]
مَعْنَاهُ، افْعَلُوا الْخَيْرَاتِ، مِنْ السَّبْقِ، وَهُوَ الْمُبَادَرَةُ إلَى الْأَوَّلِيَّةِ، وَذَلِكَ حَثٌّ عَلَى الْمُبَادَرَةِ وَالِاسْتِعْجَالِ إلَى الطَّاعَاتِ، وَلَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ فِي الْجُمْلَةِ.
وَفِي التَّفْضِيلِ اخْتِلَافٌ؛ وَأَعْظَمُ مُهِمٍّ اخْتَلَفُوا فِي تَفْضِيلِهِ الصَّلَاةُ؛ فَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَوَّلُ الْوَقْتِ فِيهَا أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ؛ لِظَاهِرِ هَذِهِ وَغَيْرِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [آل عمران: ١٣٣]
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: آخِرُ الْوَقْتِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ حَسْبَمَا مَهَّدْنَاهُ فِي مَسَائِلِ الْخِلَافِ.
وَأَمَّا مَالِكٌ فَفَصَّلَ الْقَوْلَ؛ فَأَمَّا الصُّبْحُ وَالْمَغْرِبُ فَأَوَّلُ الْوَقْتِ فِيهِمَا أَفْضَلُ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ.
وَأَمَّا الظُّهْرُ وَالْعَصْرُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ: إنَّ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَفْضَلُ لِلْفَذِّ، وَإِنَّ الْجَمَاعَةَ تُؤَخَّرُ " عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ ﵁.
وَالْمَشْهُورُ فِي الْعِشَاءِ أَنَّ تَأْخِيرَهَا أَفْضَلُ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، فَفِي صَحِيحِ الْحَدِيثِ «أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخَّرَهَا لَيْلَةً حَتَّى رَقَدَ النَّاسُ
1 / 66