56

احکام قران

أحكام القرآن لابن العربي

خپرندوی

دار الكتب العلمية

شمېره چاپونه

الثالثة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

وَقَصَدَهُ مُحْتَسِبًا فِيهِ لِمَنْ تَقَدَّمَ إلَيْهِ.
وَيَعْضُدُهُ مَا رُوِيَ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ».
الثَّانِي: مَعْنَاهُ مَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا مِنْ التَّشَفِّي وَالِانْتِقَامِ، كَمَا كَانَتْ الْعَرَبُ تَفْعَلُهُ فِيمَنْ أَنَابَ إلَيْهِ مِنْ تَرْكِهَا لِحَقٍّ يَكُونُ لَهَا عَلَيْهِ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ أَمْنٌ مِنْ حَدٍّ يُقَامُ عَلَيْهِ، فَلَا يُقْتَلُ بِهِ الْكَافِرُ، وَلَا يُقْتَصُّ فِيهِ مِنْ الْقَاتِلِ، وَلَا يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى الْمُحْصَنِ وَالسَّارِقِ؛ قَالَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ، وَمِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ، وَسَيَأْتِي عَلَيْهِ الْكَلَامُ.
الرَّابِعُ: أَنَّهُ أَمْنٌ مِنْ الْقِتَالِ؛ لِقَوْلِهِ ﷺ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «إنَّ اللَّهَ حَبَسَ عَنْ مَكَّةَ الْفِيلَ أَوْ الْقَتْلَ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ، لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ».
وَالصَّحِيحُ فِيهِ الْقَوْلُ الثَّانِي، وَهَذَا إخْبَارٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى عَنْ مِنَّتِهِ عَلَى عِبَادِهِ، حَيْثُ قَرَّرَ فِي قُلُوبِ الْعَرَبِ تَعْظِيمَ هَذَا الْبَيْتِ، وَتَأْمِينَ مَنْ لَجَأَ إلَيْهِ؛ إجَابَةً لِدَعْوَةِ إبْرَاهِيمَ ﷺ حِينَ أَنْزَلَ بِهِ أَهْلَهُ وَوَلَدَهُ، فَتَوَقَّعَ عَلَيْهِمْ الِاسْتِطَالَةَ، فَدَعَا أَنْ يَكُونَ أَمْنًا لَهُمْ فَاسْتُجِيبَ دُعَاؤُهُ.

1 / 58