53

احکام قران

أحكام القرآن لابن العربي

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

الْوَظَائِفِ الَّتِي كَلَّفَهَا إبْرَاهِيمُ ﵇، وَلَمَّا كَانَ تَكْلِيفُهَا بِالْكَلَامِ سُمِّيَتْ بِهِ، كَمَا يُسَمَّى عِيسَى ﵇ كَلِمَةً؛ لِأَنَّهُ صَدَرَ عَنْ الْكَلِمَةِ، وَهِيَ: كُنْ، وَتَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِمُقَدِّمَتِهِ أَحَدُ قِسْمِي الْمَجَازِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ. الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: مَا تِلْكَ الْكَلِمَاتُ؟ وَقَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهَا اخْتِلَافًا كَثِيرًا، لُبَابُهُ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّهَا شَرِيعَةُ الْإِسْلَامِ، فَأَكْمَلَهَا إبْرَاهِيمُ ﵇. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَمَا قَامَ أَحَدٌ بِوَظَائِفِ الدِّينِ مِثْلُهُ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ قَبْلَهُ؛ فَقَدْ قَامَ بِهَا بَعْدَهُ كَثِيرٌ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، وَخُصُوصًا مُحَمَّدًا ﷺ وَعَلَيْهِمْ. الثَّانِي: أَنَّهَا الْفِطْرَةُ الَّتِي أَوْعَزَ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا إلَيْهِ، وَرَتَّبَهَا عَلَيْهِ، وَرَوَتْ عَائِشَةُ ﵂ فِي الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهُ قَالَ «عَشْرٌ مِنْ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ وَالسِّوَاكُ وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ وَقَصُّ الْأَظْفَارِ وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ وَحَلْقُ الْعَانَةِ وَنَتْفُ الْإِبْطِ وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ». وَرَوَى عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ الْحَدِيثَ، وَقَالَ: «الْمَضْمَضَةُ وَالِاسْتِنْشَاقُ»، وَزَادَ: «الْخِتَانُ»، وَذَكَرَ «الِانْتِضَاحُ» بَدَلَ «انْتِقَاصُ الْمَاءِ». وَقَدْ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: إنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ هُنَا: «مِنْ الْفِطْرَةِ» يَعْنِي مِنْ السُّنَّةِ، وَأَنَا أَقُولُ: إنَّهَا مِنْ الْمِلَّةِ، وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ إبْرَاهِيمَ اُبْتُلِيَ بِهَا فَرْضًا، وَهِيَ لَنَا سُنَّةٌ، وَاَلَّذِي

1 / 55