احکام قران
أحكام القرآن لابن العربي
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
فَإِنْ قِيلَ: إنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِفِعْلِهِ بَعْدَ فِعْلِهِ، وَظَاهِرُ الْآيَةِ أَنَّ الْوَطْءَ لَا يَحِلُّ إلَّا بَعْدَ الْإِشْهَادِ. قُلْنَا: لَيْسَ فِي الْآيَةِ إيقَافُ الْحِلِّ عَلَى الْإِشْهَادِ، إنَّمَا فِيهِ إلْزَامُ الْإِشْهَادِ، وَذَلِكَ يَتَبَيَّنُ عِنْدَ ذِكْرِ الْآيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا]
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: ﴿وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا﴾ [البقرة: ٢٢٩]: قَالَ قَوْمٌ: يَعْنِي مِنْ الصَّدَاقِ؛ وَعِنْدِي أَنَّهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَعْطَاهَا؛ فَإِنَّ الصَّدَاقَ وَإِنْ كَانَ نِحْلَةً شَرْطِيَّةً فَمَا نَحَلَهَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ؛ لِكَوْنِهِ نِحْلَةً عَنْ نِيَّةٍ، عَامٌّ فِي كُلِّ حَالَةٍ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ طَلَاقٍ، عَامٌّ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ ابْتِدَاءِ أَخْذِ الزَّوْجِ لَهُ أَوْ إعْطَائِهَا هِيَ إيَّاهُ لَهُ عَلَى الْخَلَاصِ مِنْ نِكَاحِهِ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿إِلا أَنْ يَخَافَا أَلا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] وَفِي ذَلِكَ تَأْوِيلَاتٌ كُلُّهَا أَبَاطِيلُ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَظُنَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِنَفْسِهِ أَلَّا يُقِيمَ حَقَّ النِّكَاحِ لِصَاحِبِهِ حَسْبَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِيهِ لِكَرَاهِيَةٍ يَعْتَقِدُهَا، فَلَا حَرَجَ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَفْتَدِيَ وَلَا عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَأْخُذَ.
وَقَدْ أَكَّدَ اللَّهُ تَعَالَى الْمَنْعَ حَالَةَ الْفِرَاقِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [النساء: ٢٠] وَذَلِكَ لِأَنَّهَا حَالَةٌ تَشْرَهُ النُّفُوسَ فِيهَا إلَى أَنْ يَأْخُذَ الزَّوْجُ مَا نَحَلَهُ الزَّوْجَةَ فِي حَالَةِ النِّكَاحِ؛ إذْ يَخْطُرُ لَهُ أَنَّك إنَّمَا كُنْت أُعْطِيت عَلَى النِّكَاحِ، وَقَدْ فَارَقْت فَأَنْتَ مَعْذُورٌ فِي أَخْذِك؛ فَمَنَعَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٩] وَجَوَّزَهُ عِنْدَ مُسَامَحَةِ الْمَرْأَةِ بِهِ فَقَالَ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ﴾ [النساء: ٤] وَحَلَّلَ أَخْذَ النِّصْفِ بِوُقُوعِ الْفِرَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] وَطِيبُهُ عِنْدَ عَفْوِهَا أَوْ عَفْوِ صَاحِبِ الْعُقْدَةِ عَنْ جَمِيعِهِ، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ﴾ [البقرة: ٢٣٧]
1 / 263