256

احکام قران

أحكام القرآن لابن العربي

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩]» الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: فِي مَقْصُودِ الْآيَةِ: قَالَ الْبُخَارِيُّ: بَابُ جَوَازِ الثَّلَاثِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿الطَّلاقُ مَرَّتَانِ﴾ [البقرة: ٢٢٩] إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا التَّعْدِيدَ إنَّمَا هُوَ فُسْحَةٌ لَهُمْ، فَمَنْ ضَيَّقَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ.
[مَسْأَلَةٌ عَدَدِ الطَّلَاقِ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ: قَالَ بَعْضُهُمْ: جَاءَتْ هَذِهِ الْآيَةُ لِبَيَانِ عَدَدِ الطَّلَاقِ؛ وَقِيلَ: جَاءَتْ لِبَيَانِ سُنَّةِ الطَّلَاقِ.
وَالْقَوْلَانِ صَحِيحَانِ؛ فَإِنَّ بَيَانَ الْعَدَدِ بَيَانُ السُّنَّةِ فِي الرَّدِّ، وَبَيَانَ سُنَّةِ الْوُقُوعِ بَيَانُ الْعَدَدِ.
وَتَحْقِيقُ هَذَا الْقَوْلِ أَنَّ الطَّلَاقَ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِعْلًا مُهْمَلًا كَسَائِرِ أَفْعَالِهَا، فَشَرَعَ اللَّهُ تَعَالَى أَمَدَهُ، وَبَيَّنَ حَدَّهُ، وَأَوْضَحَ فِي كِتَابِهِ حُكْمَهُ، وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ تَمَامَهُ وَشَرْحَهُ، فَقَالَ عُلَمَاؤُنَا [رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ]: طَلَاقُ السُّنَّةِ مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ، بَيَانُهَا فِي كُتُبِ الْفُرُوعِ:
أَحَدُهَا: تَفْرِيقُ الْإِيقَاعِ وَمَنْعُ الِاجْتِمَاعِ، تَوَلَّى اللَّهُ سُبْحَانَهُ بَيَانَهُ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ تَكُونَ طَلْقَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا إنْ كَانَتَا مُجْتَمَعَتَيْنِ لَمْ يَكُنْ مَرَّتَيْنِ.
وَرَأَى الشَّافِعِيُّ أَنَّ جَمْعَ الثَّلَاثَةِ مُبَاحٌ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى: ﴿لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا﴾ [الطلاق: ١].
وَكَذَلِكَ يَقْتَضِي حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الْمُتَقَدِّمُ سِيَاقُهُ أَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: تَفْرِيقُ الْإِيقَاعِ.
وَالثَّانِي: كَيْفِيَّةُ الِاسْتِدْرَاكِ بِالِارْتِجَاعِ، وَهِيَ أَيْضًا تَفْسِيرُ الْمُرَادِ بِالْكِتَابِ لِقَوْلِهِ: فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ.

1 / 258