220

احکام قران

أحكام القرآن لابن العربي

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

يَأْتِي النِّسَاءَ عَلَى أَطْهَارِهِنَّ وَلَا ... يَأْتِي النِّسَاءَ إذَا أَكْبَرْنَ إكْبَارًا
. الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: الْمَحِيضُ، مَفْعَلُ، مِنْ حَاضَ، فَعَنْ أَيِّ شَيْءٍ كَوْنُ. عِبَارَةٌ عَنْ الزَّمَانِ أَمْ عَنْ الْمَكَانِ أَمْ عَنْ الْمَصْدَرِ حَقِيقَةٌ أَمْ مَجَازٌ؟ وَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ زَمَانِ الْحَيْضِ وَعَنْ مَكَانِهِ، وَعَنْ الْحَيْضِ نَفْسِهِ. وَتَحْقِيقُهُ عِنْدَ مَشْيَخَةِ الصَّنْعَةِ قَالُوا: إنَّ الِاسْمَ الْمَبْنِيَّ مِنْ فَعَلَ يَفْعِلُ لِلْمَوْضِعِ مَفْعَلُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ كَالْمَبِيتِ وَالْمَقِيلِ، وَالِاسْمُ الْمَبْنِيُّ مِنْهُ عَلَى مَفْعَلُ بِفَتْحِ الْعَيْنِ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ الْمَصْدَرِ كَالْمَضْرَبِ، تَقُولُ: إنَّ فِي أَلْفِ دِرْهَمٍ لَمَضْرَبًا، أَيْ ضَرْبًا وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى: ﴿وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا﴾ [النبأ: ١١] أَيْ عَيْشًا.
وَقَدْ يَأْتِي الْمَفْعِلُ بِكَسْرِ الْعَيْنِ لِلزَّمَانِ، كَقَوْلِنَا: مَضْرِبُ النَّاقَةِ أَيْ زَمَانُ ضِرَابِهَا.
وَقَدْ يُبْنَى الْمَصْدَرُ أَيْضًا عَلَيْهِ، إلَّا أَنَّ الْأَصْلَ مَا تَقَدَّمَ. وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ﴾ [المائدة: ٤٨] أَيْ رُجُوعُكُمْ، وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢] أَيْ عَنْ الْحَيْضِ.
وَإِذَا عَلِمْت هَذَا مِنْ قَوْلِهِمْ، فَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنَّ كُلَّ فِعْلٍ لَا بُدَّ لِكُلِّ مُتَعَلِّقٍ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِهِ مِنْ بِنَاءٍ يَخْتَصُّ بِهِ قَصْدًا لِلتَّمْيِيزِ بَيْنَ الْمَعَانِي بِالْأَلْفَاظِ الْمُخْتَصَّةِ بِهَا، وَهِيَ سَبْعَةٌ: الْفَاعِلُ، وَالْمَفْعُولُ، وَالزَّمَانُ، وَالْمَكَانُ، وَأَحْوَالُ الْفِعْلِ الثَّلَاثَةِ مِنْ مَاضٍ، وَمُسْتَقْبَلٍ، وَحَالٍ، وَيَتَدَاخَلَانِ، ثُمَّ يَتَفَرَّعُ إلَى عَشَرَةٍ وَإِلَى أَكْثَرَ مِنْهَا بِحَسَبِ تَزَايُدِ الْمُتَعَلِّقَاتِ.
وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأَبْنِيَةِ يَتَمَيَّزُ بِخُصُصِيَّتِهِ اللَّفْظِيَّةِ عَنْ غَيْرِهِ تُمَيِّزُهُ بِمَعْنَاهُ، وَقَدْ يَتَمَيَّزُ بِبِنَائِهِ فِي حَرَكَاتِهِ وَتَرَدُّدَاتِهِ الْمُتَّصِلَةِ وَتَرَدُّدَاتِهِ الْمُنْفَصِلَةِ، كَقَوْلِك: مَعَهُ، وَلَهُ، وَبِهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ.
فَإِذَا وَضَعَ الْعَرَبِيُّ أَحَدَهُمَا مَوْضِعَ الْآخَرِ جَازَ، وَهَذَا عَلَى جِهَةِ الِاسْتِعَارَةِ، وَهَذَا بَيِّنٌ لِلْمُنْصِفِ اسْتَقْصَيْنَاهُ مِنْ كِتَابِ مُلْجِئَةِ الْمُتَفَقِّهِينَ إلَى مَعْرِفَةِ غَوَامِضِ النَّحْوِيِّينَ "؛ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا وَقُلْت مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ﴾ [البقرة: ٢٢٢]

1 / 222