201

احکام قران

أحكام القرآن لابن العربي

خپرندوی

دار الكتب العلمية

د ایډیشن شمېره

الثالثة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

فَتَقَدَّمَ رَجُلٌ عَلَيْهِ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ، فَقَالَ النَّاسُ: أَلْقَى بِيَدِهِ لِلتَّهْلُكَةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرُ فَقَالَ: كَذَبُوا؛ أَوْ لَيْسَ اللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٠٧] وَحَمَلَ هِشَامُ بْنُ عَامِرٍ عَلَى الصَّفِّ حَتَّى شَقَّهُ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٢٠٧]. الثَّالِثُ: نَزَلَتْ فِي الْهِجْرَةِ وَتَرْكِ الْمَالِ وَالدِّيَارِ لِأَجْلِهَا؛ رُوِيَ أَنْ صُهَيْبًا أَخَذَهُ أَهْلُهُ وَهُوَ قَاصِدٌ النَّبِيَّ ﷺ فَافْتَدَى مِنْهُمْ بِمَالِهِ، ثُمَّ أَدْرَكَهُ آخَرُ فَافْتَدَى مِنْهُ بِبَقِيَّةِ مَالِهِ، وَغَيْرُهُ عَمِلَ عَمَلَهُ فَأَثْنَى عَلَيْهِمْ. الرَّابِعُ: أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ؛ قَالَهُ عُمَرُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ وَاسْتَرْجَعَ، وَقَالَ: قَامَ رَجُلٌ يَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ فَقُتِلَ. وَيُرْوَى أَنَّ عُمَرَ ﵁ كَانَ إذَا صَلَّى الصُّبْحَ دَخَلَ مِرْبَدًا لَهُ، فَأَرْسَلَ إلَى فِتْيَانٍ قَدْ قَرَءُوا الْقُرْآنَ، مِنْهُمْ ابْنُ عَبَّاسٍ وَابْنُ أَخِي عَنْبَسَةَ فَقَرَءُوا الْقُرْآنَ، فَإِذَا كَانَتْ الْقَائِلَةُ انْصَرَفُوا. قَالَ: فَمَرُّوا بِهَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ - وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾ [البقرة: ٢٠٦ - ٢٠٧] فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ لِبَعْضِ مَنْ كَانَ إلَى جَانِبِهِ: اقْتَتَلَ الرَّجُلَانِ. فَسَمِعَ عُمَرُ ﵁ مَا قَالَ، فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ قُلْت؟ قَالَ: لَا شَيْءَ. قَالَ: مَاذَا قُلْت؟ قَالَ: فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: أَرَى هَذَا أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ مِنْ أَمْرِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ، فَيَقُولُ هَذَا: وَأَنَا أَشْرِي نَفْسِي ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَيُقَاتِلُهُ، فَاقْتَتَلَ الرَّجُلَانِ. فَقَالَ عُمَرُ: لِلَّهِ تِلَادُك يَا ابْنَ عَبَّاسٍ. [مَسْأَلَة تعريض النَّفْسِ لِلْإِذَايَةِ أَوْ الْهَلَكَةِ فِي سَبِيل اللَّه] الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: هَذَا كُلُّهُ مِنْ الْأَقْوَالِ، لَا امْتِنَاعَ فِي أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِالْآيَةِ، دَاخِلًا فِي عُمُومِهَا، إلَّا أَنَّ مِنْهُ مُتَّفَقًا عَلَيْهِ، وَمِنْهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ؛ أَمَّا الْقَوْلُ: إنَّهَا فِي الْجِهَادِ وَالْهِجْرَةِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ.

1 / 203