احکام قران
أحكام القرآن لابن العربي
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د ایډیشن شمېره
الثالثة
د چاپ کال
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
د خپرونکي ځای
بيروت - لبنان
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٤]: يَقْتَضِي وُجُوبَ الْقَضَاءِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينٍ لِزَمَانٍ، وَذَلِكَ لَا يُنَافِي التَّرَاخِيَ، فَإِنَّ اللَّفْظَ مُسْتَرْسِلٌ عَلَى الْأَزْمِنَةِ لَا يَخْتَصُّ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ.
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ أَنَّهَا قَالَتْ: إنْ كَانَ لَيَكُونَ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ قَضَاءَهُ إلَّا فِي شَعْبَانَ لِلشُّغْلِ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ؛ فَكَانَتْ تَصُومُ بِصِيَامِهِ؛ إذْ كَانَ صَوْمُهُ ﷺ أَكْثَرَ مَا كَانَ فِي شَعْبَانَ ".
[مَسْأَلَةٌ قَوْله تَعَالَى وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ]
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ: قَوْله تَعَالَى: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: ١٨٤]: وَفِي هَذِهِ الْآيَاتِ قِرَاءَاتٌ وَتَأْوِيلَاتٌ وَاخْتِلَافَاتٌ وَهِيَ بَيْضَةُ الْعُقْرِ.
قُرِئَ يُطِيقُونَهُ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَإِسْكَانِ الْيَاءِ، وَقُرِئَ بِفَتْحِ الطَّاءِ وَالْيَاءِ وَتَشْدِيدِهِمَا، وَقُرِئَ كَذَلِكَ بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ الثَّانِيَةِ، لَكِنَّ الْأُولَى مَضْمُومَةٌ، وَقُرِئَ يَطُوقُونَهُ، وَالْقِرَاءَةُ هِيَ الْقِرَاءَةُ الْأُولَى، وَمَا وَرَاءَهَا وَإِنْ رُوِيَ وَأُسْنِدَ فَهِيَ شَوَاذٌّ، وَالْقِرَاءَةُ الشَّاذَّةُ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكْمٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ لَهَا أَصْلٌ، وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ عُلُومِ الْقُرْآنِ بَيَانًا شَافِيًا الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ أَنَّ الْآيَةَ مَنْسُوخَةٌ كَذَلِكَ، رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَسَلَمَةَ، وَثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُمَا.
وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: مَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ، وَمَنْ كَانَ مُسَافِرًا أَوْ مَرِيضًا فَلَا صَوْمَ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ صَحِيحًا مُقِيمًا وَلَزِمَهُ الصَّوْمُ، وَأَرَادَ تَرْكَهُ، فَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ، ثُمَّ نَسَخَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: ١٨٥] مُطْلَقًا.
1 / 113