قران احکام
أحكام القرآن
ایډیټر
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
خپرندوی
دار إحياء التراث العربي
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
تفسیر
حَجِّهِ وَإِتْمَامِهِ بِوُقُوفِهِ فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى [ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ] وحيث اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ وَهُوَ عَرَفَاتٌ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ أَفِيضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ وَلَمْ يُخَصِّصْهُ بِلَيْلٍ وَلَا نَهَارٍ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ لِلْوَقْتِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ جَوَازَهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ وَقَفَ فِيهِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّا وَجَدْنَا سَائِرَ الْمَنَاسِكِ ابْتِدَاؤُهَا بِالنَّهَارِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ اللَّيْلُ تَبَعًا وَلَمْ نَجِدْ شَيْئًا مِنْهَا يَخْتَصُّ بِاللَّيْلِ حَتَّى لَا يَصِحَّ فِعْلُهُ فِي غَيْرِهِ فَقَوْلُ مَنْ جَعَلَ فَرْضَ الْوُقُوفِ بِاللَّيْلِ خَارِجٌ عَنْ الْأُصُولِ أَلَا تَرَى أَنَّ طَوَافَ الزِّيَارَةِ وَالْوُقُوفَ بِالْمُزْدَلِفَةِ وَالرَّمْيَ وَالذَّبْحَ وَالْحَلْقَ كُلُّ ذَلِكَ مَفْعُولٌ بِالنَّهَارِ وَإِنَّمَا يُفْعَلُ بِاللَّيْلِ عَلَى أَنَّهُ يُؤَخَّرُ عَنْ وَقْتِهِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِ لِلنَّهَارِ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ وَأَيْضًا
قد نقلت الأمة وقوف النبي ﷺ نَهَارًا
إلَى يَوْمِنَا هَذَا وَأَنَّهُ دَفَعَ مِنْهَا عِنْدَ سُقُوطِ الْفَرْضِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ وَقْتَ الْوُقُوفِ هُوَ النَّهَارُ وَوَقْتَ الْغُرُوبِ هُوَ الدَّفْعُ فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ الدَّفْعُ هُوَ وَقْتَ الْفَرْضِ وَوَقْتُ الْوُقُوفِ لَا يَكُونُ وَقْتًا لِلْفَرْضِ وَأَيْضًا لَمَّا قِيلَ يَوْمُ عَرَفَةَ وَنُقِلَتْ هَذِهِ التسمية عَنْ النَّبِيِّ ﷺ فِي أَخْبَارٍ كَثِيرَةٍ مِنْهَا إنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ يَوْمَ عَرَفَةَ وَمِنْهَا إنَّ صِيَامَ يَوْمِ عَرَفَةَ يَعْدِلُ صِيَامَ سَنَةٍ وَلِذَلِكَ أَطْلَقَتْ الْأُمَّةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّهَارَ وَقْتُ الْفَرْضِ فِيهِ وَأَنَّ الْوُقُوفَ لَيْلًا إنَّمَا يَفْعَلهُ مَنْ وَقَفَ فَائِتًا أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمَّا قِيلَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ وَيَوْمُ الْأَضْحَى وَيَوْمُ الْفِطْرِ كَانَتْ هَذِهِ الْأَفْعَالُ وَاقِعَةً فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ نَهَارًا وَلِذَلِكَ أُضِيفَتْ إلَيْهَا فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ فَرْضَ الْوُقُوفِ يَوْمَ عَرَفَةَ وَأَنَّهُ يُفْعَلُ لَيْلًا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ لِمَا فَاتَهُ كَمَا يَرْمِي الْجِمَارَ لَيْلًا عَلَى وَجْهِ الْقَضَاءِ لِمَا فَاتَهُ نَهَارًا وَكَذَلِكَ الطَّوَافُ وَالذَّبْحُ وَالْحَلْقُ وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِ الْوُقُوفِ
فَرَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعَمٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ كُلُّ عَرَفَاتٍ مَوْقِفٌ وَارْفَعُوا عَنْ عُرَنَةَ وَكُلُّ مُزْدَلِفَةَ مَوْقِفٌ وَارْفَعُوا عَنْ مُحَسِّرٍ
وَرَوَى جَابِرٌ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ أنه قَالَ كُلُّ عَرَفَةَ مَوْقِفٌ
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ارتفعوا عن وادي عرنة وَالْمِنْبَرِ عَنْ مُسِيلَةَ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ مَوْقِفٌ ولم يختلف رواة الْأَخْبَارِ
أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ أَهْلَ الْجَاهِلِيَّةِ كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْهَا إذا صارت الشمس على رؤس الْجِبَالِ كَأَنَّهَا عَمَائِمُ الرِّجَالِ فِي وُجُوهِهِمْ وَأَنَّهُمْ كَانُوا يَدْفَعُونَ مِنْ الْمُزْدَلِفَةِ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فخالفهم النبي ﷺ وَدَفَعَ مِنْ عَرَفَاتٍ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَمِنْ الْمُزْدَلِفَةِ قَبْلَ الطُّلُوعِ
وَرَوَى سَلَمَةُ بْنُ كُهَيْلٍ عَنْ الْحَسَنِ الْعُرَنِيِّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ خَطَبَ رسول الله ﷺ الناس
1 / 389