قران احکام
أحكام القرآن
پوهندوی
محمد صادق القمحاوي - عضو لجنة مراجعة المصاحف بالأزهر الشريف
خپرندوی
دار إحياء التراث العربي
د خپرونکي ځای
بيروت
بَاب الصِّيَامُ فِي السَّفَرِ
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ] فِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ وَاضِحَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِفْطَارَ فِي السَّفَرِ رُخْصَةٌ يَسَّرَ اللَّهُ بِهَا عَلَيْنَا وَلَوْ كَانَ الْإِفْطَارُ فَرْضًا لَازِمًا لَزَالَتْ فائدة قوله [يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُسَافِرَ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الْإِفْطَارِ وبين الصوم كقوله تعالى [فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ] وقوله [فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ] فَكُلُّ مَوْضِعٍ ذُكِرَ فِيهِ الْيُسْرُ فَفِيهِ الدَّلَالَةُ عَلَى التَّخْيِيرِ وَرَوَى عَبْدُ الرَّحِيمِ الْجَزَرِيُّ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ لَا نَعِيبُ عَلَى مَنْ صَامَ وَلَا عَلَى مَنْ أَفْطَرَ لِأَنَّ اللَّهَ قَالَ [يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ] فَأَخْبَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الْيُسْرَ الْمَذْكُورَ فِيهِ أُرِيدَ بِهِ التَّخْيِيرُ فَلَوْلَا احْتِمَالُ الْآيَةِ لَمَا تَأَوَّلَهَا عَلَيْهِ وَأَيْضًا فَقَالَ اللَّهُ [فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ] ثُمَّ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ [وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] فَلَمْ يُوجِبْ عَلَيْهِ الْإِفْطَارَ وَلَا الصَّوْمَ وَالْمُسَافِرُ شَاهِدٌ لِلشَّهْرِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الْعِلْمُ بِهِ وَحُضُورُهُ وَالْآخَرُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ التَّكْلِيفِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِصَوْمِ الشَّهْرِ وَأَنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُرَخَّصٌ لَهُ فِي الْإِفْطَارِ وَقَوْلُهُ [وَمَنْ كانَ مَرِيضًا أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ] مَعْنَاهُ فَأَفْطَرَ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ] الْمَعْنَى فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُضْمَرٌ فِيهِ اتِّفَاقُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ الْمَرِيضَ مَتَى صَامَ أَجْزَأَهُ وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُفْطِرَ فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْإِفْطَارَ مُضْمَرٌ فِيهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَذَلِكَ الضَّمِيرُ بِعَيْنِهِ هُوَ مَشْرُوطٌ لِلْمُسَافِرِ كَهُوَ لِلْمَرِيضِ لذكرهما جَمِيعًا فِي الْآيَةِ عَلَى وَجْهِ الْعَطْفِ وَإِذَا كَانَ الْإِفْطَارُ مَشْرُوطًا فِي إيجَابِ الْعِدَّةِ فَمَنْ أَوْجَبَ عَلَى الْمُسَافِرِ الْقَضَاءَ إذَا صَامَ فَقَدْ خَالَفَ حَكَمَ الْآيَةِ وَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنْ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ عَلَى جَوَازِ صَوْمِ الْمُسَافِرِ غَيْرَ شَيْءٍ
يُرْوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ صَامَ فِي السَّفَرِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ
وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ شَوَاذٌّ مِنْ النَّاسِ لَا يُعَدُّونَ خِلَافًا
وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ بِالْخَبَرِ الْمُسْتَفِيضِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ صَامَ فِي السَّفَرِ
وَثَبَتَ عَنْهُ أَيْضًا إبَاحَةُ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ مِنْهُ
حَدِيثُ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ حمزة بن عمر والأسلمى قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ أصوم في السفر فقال ﷺ إنْ شِئْتَ فَصُمْ وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ
وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وسلمة بن
1 / 265