وافق تأمينه تأمين الملائكة غُفِر له ما تَقَدَّمَ من ذَنْبِه" (^١)، فجعلهم بالتأمين مشاركين للإمام في قراءته ودعائه، ألا ترى اللَّه ﷿ قال: ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾، قال اللَّه تعالى: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ [يونس: ٨٨ - ٨٩]، وإنما دعا موسى وأمَّن هارون فصارا داعِيَيْن، فلما أُمرنا بالإنصات عُوِّضْنا التأمينَ رحمة من اللَّه لنا، ألا ترى أبا هريرة ﵁ يقول: "فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول اللَّه ﷺ" (^٢).
فأما قول أبي هريرة ﵁: "اقرأ بها في نفسك يا فارسي" (^٣)، فإنما أمره بها في الصلاة التي يُخافَت فيها.
والقراءة في النَّفْس عَرْضٌ على القلب، ليُشْغِل النَّفْسَ عن الوسوسة بعرضه القرآنَ عليها من غير أن ينطق به اللسان.
فإن احتج محتج أن ﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ من أم الكتاب لأنها مثْبَتة في المصحف، قيل له: فقل: إنها من كل سورة، ولم يَقُله أحد تَقَدَّم، فإن حَمَل نفسَه على قوله فقال: آية من كل سورة لأنه مُثْبَت في أوائل السور.