3
قائمة على قمة جبل شاهق الارتفاع، وجثم على أعلى فرع من فروع الأرزة، مأخوذا بجمال الطبيعة الساحر، يتأمل ما تحته وحوله من السهول والوديان والجبال والأنهار، والبحيرات، وشواطئ الأوقيانسات والبحار، وما يتخلل كل ذلك من حقول وقرى وبلدان، ثم طفق يناجي نفسه قائلا: «شكرا لمبدع الكائنات على ما اختصني به من نعمة بمنحي تلك الأجنحة القوية التي امتزت بها عن سواي من سائر المخلوقات؛ لأنها تساعدني على التحليق والوصول إلى هذا الارتفاع الذي أستطيع منه امتلاك ناصية الجو والبر والبحر، وأرى ما لا تقدر عين مخلوق آخر أن تراه من جمال هذه الخليقة الذي يخلب الألباب ...»
وفجأة سمع صئي آت من غصن فوق مجثم العقاب، يقول: «يا لك من فخور ثرثار! ارفع نظرك أيها الرفيق وانظر إلي، ألست تراني أحتل مكانا أرفع من مكانك؟»
ورفع الطائر العظيم نظره، فرأى عنكبة
4
تنسج من لعابها هللا
5
بين الأغصان التي فوق رأسه، كأنها تحاول أن تحجب عن عينيه بهاء الشمس، فسألها قائلا: «وكيف أمكنك الوصول إلى هذا المكان الذي لا يستطيع الوصول إليه من الطيور سوى أمثالي من العقبان القوية الجناح؟ وأنت - فيما يلوح لي - ضعيفة صغيرة عديمة الأجنحة، ولست أظن أنك استطعت أن تأتي إلى هنا زاحفة؟»
وأجابته العنكبة: «الحق أقول لك أيها الجار المغرور: إن فكرة الزحف من السهل إلى هذا الارتفاع الشاهق لم تخطر لي ببال، أما الذي فعلته حتى وصلت إلى هنا؛ فهو أني تعلقت بريشة من ريشات ذيلك، فوجدت نفسي هنا دون أن أكد أو أتعب، وها قد شرعت في بناء بيتي دون احتياج إلى معونة حضرتك، فلا تنفخ أوداجك
6
ناپیژندل شوی مخ