(ق115ب)
وبالإسناد إلى الطائي، قال: أخبرنا الشيخ أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد، إجازة، أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبدالله بن أحمد، ثنا إبراهيم بن عبدالله بن إسحاق، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي، ثنا أبو يونس محمد بن أحمد المديني، ثنا أبو الحارث عثمان بن إبراهيم بن غسان، ثنا عبد الله بن يحيى بن أبي كثير، عن أبيه، قال: دخل سليمان بن عبد الملك المدينة حاجا، فقال: هل بها رجل أدرك عدة من الصحابة؟ قالوا: نعم، أبو حازم. فأرسل إليه، فلما أتاه، قال: يا أبا حازم، ما هذا الجفاء؟ قال: وأي جفاء رأيت مني؟ قال: وجوه الناس أتوني ولم تأتني. قال: والله ما عرفتني قبل هذا ولا أنا رأيتك، فأي جفاء رأيت مني؟ فالتفت سليمان إلى الزهري فقال: أصاب الشيخ وأخطأت أنا. فقال: يا أبا حازم، ما لنا نكره الموت؟ فقال: عمرتم الدنيا وخربتم الآخرة، فتكرهون الخروج من العمران إلى الخراب، قال صدقت. قال: ليت شعري ما لنا عند الله؟ قال: اعرض عملك على كتاب الله تعالى. قال: فأين أجده؟ قال: في قوله تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم}. قال سليمان: فأين رحمة الله؟ قال: قريب من المحسنين. قال سليمان: كيف العرض على الله تعالى؟ قال: أما المحسن: كالغائب يقدم على أهله. وأما المسيء كالآبق يقدم به على مولاه. فبكى سليمان حتى علا نحيبه. فقال: يا أبا حازم كيف لنا أن نصلح؟ قال: تدعون عنكم الصلف، وتمسكون بالمروءة، وتقسمون بالسوية، وتعدلون في القضية. قال: يا أبا حازم من أفضل الخلائق؟ قال: أولو المروءة والنهى. قال: فما أعدل العدل؟ قلا: كلمة صدق عند من تخافه أو ترجوه. قال: فما أسرع الدعاء إجابة؟ قال: دعاء المحسن للمحسن. قال: فما أفضل الصدقة؟ قال: جهد المقل إلى البائس الفقير لا يتبعها من ولا أذى. قال: من أكيس الناس؟ قال: رجل ظفر بطاعة الله عز وجل فعمل (ق116أ) بها ثم دل الناس عليها. قال: من أحمق الناس؟ قال: رجل اغتاظ في هوى أخيه وهو ظالم فباع آخرته بدنيا غيره. فقال: يا أبا حازم ارفع لي حاجتك. قال: نعم، تدخلني الجنة وتنجيني من النار. قال: ليس ذلك إلي. قال: فما لي حاجة سواها.
أنشدنا تاج الإسلام أبو بكر بن محمد بن منصور السمعاني، أنشدنا أبو العباس الفضل بن عبد الواحد، حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، حدثنا أبو عمرو بن مطر، حدثنا محمد بن المنذر الهروي، حدثنا محمد بن إدريس الحنظلي، حدثنا عمر بن أسلم، يقول: سمعت سلم بن ميمون العابد يقول:
أرى الدنيا لمن هي في يديه ... عذابا كلما كثرت لديه
تهين المكرمين لها بصعر ... وتكرم كل من هانت عليه
فدع عنك الفضول تعش حميدا ... وخذ ما أنت محتاج إليه.
مخ ۵۴