احادیث المازني
أحاديث المازني
ژانرونه
قلت: آه! لعن الله الشيخوخة! وقاتل الله الضعف! مائتا متر! يا سلام! أقول لك.. ربنا المعين ... نعم ربنا المعين».
وهممت بأن أنصرف عنه، فقال: تسمح بأن أتناول ذراعك وأساعدك على السير قليلا؟»
فدعوت له بخير، وبشرته، وأكدت له أن الله سيجزيه أحسن الجزاء، وتركت له ذراعي، وسرنا معا بعض الطريق، وأنا أدب بالعصا وأقول من الضعف «إه! إه» كما يفعل الشيوخ الذين انقطعت أنفاسهم، فقد كانت اللحية التي لففت فيها وجهي عظيمة جدا وبيضاء كالقطن. وبلغنا «القهوة» المألوفة فهمست في أذنه بصوت خافت: «أقول لك يا بني؟ سأستريح هنا قليلا.. نعم فإن العجلة من الشيطان، ولا خير في أن يحمل المرء على نفسه ويكلفها فوق وسعها».
وجلست إلى أقرب مائدة ووضعت العصا عليها واضطجعت مغمض العينين حتى انتظمت أنفاسي وسكن اضطراب صدري، وهدأت دقات قلبي، ثم التفت إلى صديقي وقلت «الله يرحم أيام الشباب!! هل تعرف يا بني؟ لقد كنت أصعد درجات السلم - مائدة درجة - خمس مرات أو ستا في اليوم، جريا بلا تمهل أو ترفق؛وكنت أستحم في الشتاء القارس البرد من بئر في البيت، مرتين. مرة في الفجر ومرة في العصر؛وكنت أستطيع أن التهم نصف الخروف وحدي فضلا عن غيره من الألوان.. أين هذه الأيام؟ إيه؟
وتنهدت: فقال: «يظهر أنك كنت قويا متين الأسر في شبابك!»
قلت: «قوي؟ ولو لم أكن قويا في شبابي لما عشت إلى هذه السن. أنا أقول لك. كنت أتناول عيدان القصب. سبعة وأربطها ثم أتناولها من الطرفين وأضرب بها ساقي، فتنكسر.. أعني العيدان هي التي كانت تنكسر لا ساقي بالطبع.. هأ هأ.. تنكسر ولا تبقى قشرة واحدة تصل قطعتي عود.. فهل تستطيع الآن - وأنت شاب - أن تصنع هذا؟»
فهز رأسه وابتسم، فقلت: «وعلى الرغم من ضعفي الظاهر وشيخوختي العالية، لا أزال محتفظا ببعض القوة، ولولا أن الدخان قطع نياط قلبي لما رأيتني أنهج.. احذر يا بني أن تعتاد التدخين! إنها نصيحة شيخ مجرب. نصيحة لوجه الله. نعم لا تزال في القوة باقية.. هذه يدي.. أقبض عليها. احتفظ بكل قوتك وانظر».
وفتحت له كفي، ومددت غليه ذراعي فتناول يدي كماي فعل المرء عند المصافحة، ثم قبض عليها وقبضت على يده، وضغط وضغطت. ثم بدت عليه الدهشة، وقد نسيت أن أقول إني كنت وما زلت قوي الذراعين جدا إذا اعتبرنا ضآلة جسمي، وكل قوتي في يدي، فلا عجب إذا كان قد دهش، فقلت له: أرأيت؟ ألم أقل لك؟ وتصور كيف كنت خليقا أن أكون لولا الدخان الملعون؟ لقد خرب صدري من سوء تأثيره».
وسحبت يدي وفركتها فقد كانت ضغطته قوية لا رفق فيها قبحه الله؛وجاء في هذه اللحظة واحد آخر من إخواني وكان كثير العبث، فوقف ينظر إلينا ويعجب، ثم سأل صاحبه بصوت عال كأنما كان قد وثق أني أصم.
من هذا الرجل الفظيع؟
ناپیژندل شوی مخ