احادیث المازني
أحاديث المازني
ژانرونه
وليس المعول في القصة على الحادثة أو الحوادث التي تروى وكل إنسان يستطيع ذلك بغير عناء لأن كل إنسان وقعت له حوادث أو شهد حوادث أو سمع بحوادث والحادثة ليست أكثر من مشجب يعلق عليه الكاتب آراءه وخواطره ونظراته وغير ذلك من الخوالج والإحساسات والتحليل والتعليل.
والمعول في القصة على رسم الشخصيات والتفطن إلى البواعث والقدرة على تصوير نتيجة التفاعل بين الوراثة والبيئة وبين الإنسان والجماعة ونوع استجابة الإنسان لوقع الحياة في نفسه وكثيرون يستسهلونها لأنها أقرب إلى الفطرة ولكنها من أعسر ألوان الأدب لأنها تتطلب فهما للحياة ونظرا فاحصا وملاحظة دقيقة وإخلاصا وصدق سريرة ولا غنى في أي لون من الأدب عن الإخلاص وصدق السريرة ثم تتطلب أداء محكما وقدرة عليه وافية لأن الكاتب يحتاج أن يتناول فيها كل باب من أبواب الأدب - من الفلسفة فنازلا إلى الكلام الفارغ في ذاته وأن سوقه في القصة يراد به الاستعانة على تصوير النفوس واتجاهات خواطرها ونزعاتها وعاداتها في التفكير وغير ذلك.
والقصة توجد في كل أدب قديم. والغزل نفسه قصة لأنه عرض جانب من النفس في حالة خاصة. ولكنها باعتبارها عملا فنيا قائما بذاته تعد حديثة نسبية وقد نشأت في الأدب العربي كما نشأت في غيره ولكنها وقفت عند حد ولم يمض فيها الذين جاءوا بعد الذين فتحوا بابها.
أما الآن فإنها لون مقرر من ألوان الأدب الحديث بأنواعها جميعا وقد عالجها كل الأدباء تقريبا دون أن ينصرفوا عن الأبواب الأخرى مثل البحوث والدراسات التي يعنون بها. وقصر عليها بعضهم أدبه تقريبا وبذلك بدأ الاتجاه إلى التخصص في أبواب الأدب وسيزداد هذا ظهورا وبروزا على الأيام.
ولا يتسع الوقت لأكثر مما تناولنا في حديثنا وما كنت أرجو أو أطمع أن يتسع وإنما أردت أن أجعل طريقتي في البحث من شأنها أن تساعد السامع على لمضي وحده في تعيين الاتجاهات الحديثة.
والبحث لا يتم إلا إذا تناولنا أساليب الكتابة بعد أن تناولنا أغراضها على هذا النحو العام المجمل. وموعدنا الحديث الآتي إن شاء الله.
الفصل الخامس
حديث عن الهجرة
يبدو لي من مراجعة السيرة النبوية الشريفة أن الهجرة إلى المدينة لم تجيء عفوا ولا كانت من وحي الساعة وإنما كانت خطة محكمة التدبير طال فيها التفكير بعد أن اتجه إليها الذهن اتجاها طبيعيا أعانت عليه الحوادث.
وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام في أول الأمر يشير على المسلمين الذين ضاقوا ذرعا بما كانت قريش تنزله بهم من الأذى أن يتفرقوا في الأرض وينصح لهم أن يذهبوا إلى الحبشة ليأمنوا الفتنة عن دينهم ويرتاحوا من العذاب الغليظ الذي كانت قريش تصبه عليهم حتى يأذن الله بالفرج وأكبر الظن أنه كان يريد أن يؤمن هؤلاء المسلمين على دينهم من ناحية وأن يحمل قريشا على التوجس من عاقبة هذه الهجرة الأولى إلى الحبشة عسى أن تفيء إلى الاعتدال والهوادة.
ناپیژندل شوی مخ