Ahadith al-Ta'ifa al-Zahara
أحاديث الطائفة الظاهرة
د ایډیشن شمېره
(بيت المقدس) - الأولى
د چاپ کال
١٤٢٣هـ - ٢٠٠٢م
ژانرونه
أحاديث
الطائفة الظاهرة
وتحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين
تأليف
الدكتور. حسام الدين بن موسى عفانه
الأستاذ المشارك في الفقه والأصول
كلية الدعوة وأصول الدين
جامعة القدس
1 / 1
الطبعة الأولى بيت المقدس
١٤٢٣هـ
٢٠٠٢م
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف
1 / 2
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 3
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) سورة آل عمران الآية ١٠٢.
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) سورة النساء الآية ١.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) سورة الأحزاب الآيتان ٧٠ - ٧١.
وبعد
فقد اطلعت على كتاب بعنوان (حمل الدعوة الإسلامية واجبات وصفات)، لكاتبه محمود عبد اللطيف عويضة، نشرته دار الأمة
1 / 5
وهو من منشورات حزب التحرير، كما جاء على صفحة العنوان الداخلي، وقرأت الكتاب فوجدت فيه فصلًا بعنوان (الطائفة الظاهرة)، وقد هالني وأفزعني، تلاعب الكاتب بأحاديث النبي ﷺ، وتحريفه الكلم عن مواضعه، وتعصبه البغيض لحزبه، حيث إنه قد زعم أن المقصود بالطائفة الظاهرة - التي ورد ذكرها في الأحاديث النبوية - حزب التحرير، وقد أوَّل النصوص تأويلًا باطلًا لتحقيق ما زعمه وادعاه.
وقد عزمت على بيان فساد ما ذهب إليه الكاتب، من تلاعبٍ بسنة المصطفى ﷺ، قيامًا بواجب الدفاع عن السنة النبوية، سائلًا المولى ﷿، أن يجعلني ممن شملهم حديث النبي ﷺ: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين)، صححه الحافظ ابن عبد البر وحسنه الحافظ العلائي.
وسأذكر أولًا مجموعة عطرة من الأحاديث النبوية الواردة في الطائفة الظاهرة، ثم أذكر كلام الكاتب الذي حرَّف فيه كلام النبي ﷺ، ومن ثَمَّ أبين فساد كلامه، وشدة تعصبه لحزبه، هذا التعصب الذي أعماه عن رؤية الحقيقة الساطعة كالشمس في رابعة النهار.
1 / 6
وينبغي أن يعلم أن التعصب صفة ذميمة، تحمل الإنسان على اتباع الهوى، وتدفعه إلى الميل عن جادة الصواب، وتحجب عينيه عن رؤية الحق، فيخبط خبط عشواء، وقد ذمَّ العلماء التعصب وحاربوه، وهذه بعض عباراتهم في ذلك:
قال أبو نُعيم: (قاتل الله التعصب ما أشنع إخساره في الميزان)، حلية الأولياء ٩/ ١١.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: [وأما التعصب لأمر من الأمور بلا هدى من الله، فهو من عمل الجاهلية، ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله] مجموع الفتاوى ١١/ ٢٨.
وقال الشوكاني: [والمتعصب وإن كان بصره صحيحًا، فبصيرته عمياء وأذنه عن سماع الحق صماء، يدفع الحق، وهو يظن أنه ما دفع غير الباطل، ويحسب أن ما نشأ عليه هو الحق، غفلة منه وجهلًا بما أوجبه الله عليه من النظر الصحيح، وتلقي ما جاء به الكتاب والسنة بالإذعان والتسليم، وما أقل المنصفين بعد ظهور هذه المذاهب في الأصول والفروع، فإنه صار بها باب الحق مرتجًا، وطريق الإنصاف مستوعرة، والأمر لله سبحانه والهداية منه
يأبى الفتى إلا اتباع الهوى ... ومنهج الحق له واضح] ... تفسير فتح القدير ٢/ ٢٤٣.
1 / 7
وقال الشوكاني أيضًا: [فعليك أيها العامل بالكتاب والسنة، المبرأ من التعصب والتعسف، أن تورد عليهم حجج الله، وتقيم عليهم براهينه، فإنه ربما انقاد لك منهم، من لم يستحكم داء التقليد في قلبه، وأما من قد استحكم في قلبه هذا الداء، فلو أوردت عليه كل حجة، وأقمت عليه كل برهان، لما أعارك إلا أذنًا صماء، وعينًا عمياء، ولكنك قد قمت بواجب البيان الذي أوجبه عليك القرآن، والهداية بيد الخلَّاق العليم: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، سورة القصص الآية ٥٦] تفسير فتح القدير ٤/ ١٠٤.
وقال العلامة ابن القيم: [ومنها الدعاء بدعوى الجاهلية، والتعزي بعزائهم، كالدعاء إلى القبائل والعصبية لها وللأنساب، ومثله التعصب للمذاهب والطرائق والمشايخ، وتفضيل بعضها على بعض، بالهوى والعصبية، وكونه منتسبًا إليه، فيدعو إلى ذلك ويوالي عليه ويعادي عليه، ويزن الناس به، كل هذا من دعوى الجاهلية] زاد المعاد في هدي خير العباد ٢/ ٤٧١.
وقال الزرقاني: [واعلم أن هناك أفرادًا، بل أقوامًا تعصبوا لآرائهم ومذاهبهم، وزعموا أن من خالف هذه الآراء والمذاهب، كان مبتدعًا
1 / 8
متبعًا لهواه، ولو كان متأولًا تأويلًا سائغًا، يتسع له الدليل والبرهان كان رأيهم ومذهبهم هو المقياس والميزان، أو كأنه الكتاب والسنة والإسلام، وهكذا استزلهم الشيطان، وأعماهم الغرور، ولقد نجم عن هذه الغلطة الشنيعة، أن تفرق كثير من المسلمين شيعًا وأحزابًا، وكانوا حربًا على بعضهم وأعداءً، وغاب عنهم أن الكتاب والسنة والإسلام، أوسع من مذاهبهم وآرائهم، وأن مذاهبهم وآرائهم أضيق من الكتاب والسنة والإسلام، وأن في ميدان الحنيفية السمحة، متسعًا لحرية الأفكار، واختلاف الأنظار، ما دام الجميع معتصمًا بحبل من الله، ثم غاب عنهم أن الله تعالى يقول: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) سورة آل عمران، الآية ١٠٣. ويقول جل ذكره: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) سورة الأنعام الآية ١٥٩. ويقول تقدست أسماؤه:
(وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ) سورة آل عمران الآيات ١٠٥ - ١٠٦. لمثل هذا أربأ بنفسي وبك أن نتهم مسلمًا
1 / 9
بالكفر أو البدعة والهوى، لمجرد أنه خالفنا في رأي إسلامي نظري، فإن الترامي بالكفر والبدعة من أشنع الأمور، ولقد قرر علماؤنا أن الكلمة إذا احتملت الكفر من تسعة وتسعين وجهًا، ثم احتملت الإيمان من وجه واحد، حملت على أحسن المحامل، وهو الإيمان وهذا موضوع مفروغ منه، ومن التدليل عليه، لكن يفت في عضدنا غفلة كثير من إخواننا المسلمين، عن هذا الأدب الإسلامي العظيم الذي يحفظ الوحدة، ويحمي الأخوة، ويظهر الإسلام بصورته الحسنة، ووجهه الجميل من السماحة واليسر، واتساعه لكافة الاختلافات الفكرية، والمنازع المذهبية والمصالح البشرية، ما دامت معتصمة بالكتاب والسنة، على وجه من الوجوه الصحيحة التي يحتملها النظر السديد، والتأويل الرشيد، ولقد حدث مثل هذا الاختلاف على عهد رسول الله بين أصحابه، فما تنازعوا من أجله، بل أخذ كل برأيه، وهو يحترم الآخر ورأيه، وأقرهم الرسول ﷺ على ذلك، ولم يُعِبْ أحدًا منهم على رغم أنه يترتب على بعض هذه الاختلافات أن ترك بعضهم الصلاة في وقتها اجتهادًا منه ...] مناهل العرفان ٢/ ٢٧.
1 / 10
وقال الإمام ابن عبد الهادي الحنبلي: (وما تحلى طالب العلم بأحسن من الإنصاف وترك التعصب) نصب الراية ١/ ٣٥٥، وانظر أدب الاختلاف لمحمد عوامة ص ٨٣.
وقال العلامة ابن القيم في نونيته:
وتعرَّ من ثوبين من يلبسهما ... يلقى الردى بمذمةٍ وهوان
ثوب من الجهل المركب فوقه ... ثوب التعصب بئست الثوبان
وتحلَّ بالإنصاف أفخر حلة ... زينت بها الأعطاف والكتفان
واجعل شعارك خشية الرحمن مع ... نصح الرسول فحبذ الأمران
شرح قصيدة ابن القيم ١/ ١٢٤.
وقد جعلت هذه الدراسة في مقدمة وأربعة مباحث وخاتمة:
فالمقدمة ما قرأت.
وأما المبحث الأول فذكرت فيه الأحاديث الواردة في الطائفة الظاهرة.
وأما المبحث الثاني فبينت فيه تحريف الكاتب للمراد بأحاديث الطائفة الظاهرة.
وأما المبحث الثالث فبينت فيه محل الطائفة الظاهرة حسب الروايات الواردة، وذكرت أقوال العلماء في ذلك.
وفي المبحث الرابع أبطلتُ دعوى الكاتب في تحريفه لقول النبي ﷺ
1 / 11
(فطوبى للغرباء).
وأما الخاتمة فقد ذكرت فيها منهاج الطائفة الظاهرة.
وختامًا أسأل الله أن يلهمنا أن نسلك طريق الحق والصواب، وأن يجنبنا التعصب واتباع الهوى، ويبعدنا عن التكبر والتعالي على عباد الله، إنه خير مسؤول، وصلى الله وسلم على الرسول وعلى آله وصحبه أجمعين.
ضحى يوم الأحد الخامس والعشرين من محرم الحرام سنة ١٤٢٣ هـ وفق السابع من نيسان ٢٠٠٢ م.
كتبه الدكتور حسام الدين بن موسى عفانه
أبوديس / بيت المقدس
1 / 12
المبحث الأول
الأحاديث الواردة في الطائفة الظاهرة
صح عن النبي ﷺ في أحاديث كثيرة ذكر الطائفة الظاهرة، التي تبقى في هذه الأمة المحمدية، متمسكةً بدينها، وقائمةً على أمر الله، حتى قيام الساعة، وهذه مجموعة عطرة من هذه الأحاديث:
١. عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، والله المعطي وأنا القاسم، ولا تزال هذه الأمة ظاهرين على من خالفهم، حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون)، رواه البخاري.
٢. وعن المغيرة بن شعبة ﵁ عن النبي ﷺ قال: (لا يزال ناسٌ من أمتي ظاهرين، حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون)، رواه البخاري ومسلم.
٣. وعن عمير بن هانئ أنه سمع معاوية ﵁ يقول: سمعت النبي ﷺ يقول: (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك). قال عمير: فقال مالك بن يخامر: قال معاذ: وهم بالشام، فقال معاوية: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذًا يقول وهم بالشام، رواه البخاري.
1 / 13
٤. وقال الإمام البخاري في صحيحه: باب قول النبي ﷺ لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، وهم أهل العلم. ثم ذكر حديث شعبة المتقدم وحديث معاوية وهو:
٥. عن حميد قال سمعت معاوية بن أبي سفيان ﵁ يخطب قال سمعت النبي ﷺ يقول: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، وإنما أنا قاسمٌ ويعطي الله، ولن يزال أمر هذه الأمة مستقيمًا حتى تقوم الساعة أو حتى يأتي أمر الله).
٦. وعن المغيرة بن شعبة ﵁ قال سمعت النبي ﷺ يقول: (لا يزال من أمتي قوم ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله)، رواه البخاري.
٧. وعن جابر بن عبد الله ﵁ يقول سمعت النبي ﷺ يقول: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، قال فينزل عيسى بن مريم ﷺ، فيقول أميرهم تعال صل لنا، فيقول لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة)، رواه مسلم.
٨. وعن ثوبان ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق، لا يضرهم من خذلهم، حتى يأتي أمر الله وهم كذلك)، رواه مسلم.
1 / 14
٩. وعن جابر بن سمرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: (لن يبرح هذا الدين قائمًا يقاتل عليه عصابةٌ من المسلمين حتى تقوم الساعة)، رواه مسلم.
١٠. وعن جابر بن عبد الله ﵄ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة)، رواه مسلم
١١. وعن يزيد بن الأصم قال سمعت معاوية بن أبي سفيان ذكر حديثًا رواه عن النبي ﷺ لم أسمعه، روى عن النبي ﷺ على منبره حديثًا غيره قال: قال رسول الله ﷺ: (من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة)، رواه مسلم.
١٢. وعن عبد الرحمن بن شماسة المهري قال: كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص فقال عبد الله: لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق، هم شر من أهل الجاهلية لا يدعون الله بشيء إلا ردَّه عليهم، فبينما هم على ذلك أقبل عقبة بن عامر، فقال له مسلمة: يا عقبة اسمع ما يقول عبد الله، فقال عقبة هو أعلم، وأما أنا فسمعت رسول الله ﷺ يقول: (لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم
1 / 15
الساعة وهم على ذلك، فقال عبد الله أجل، ثم يبعث الله ريحًا كريح المسك مسُّها مسُّ الحرير فلا تترك نفسًا في قلبه مثقال حبة من الإيمان، إلا قبضته ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة)، رواه مسلم.
١٣. وعن سعد بن أبي وقاص ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة)، رواه مسلم.
١٤. وعن ثوبان ﵁ قال: قال رسول ﷺ: (إن الله زوى لي الأرض، فرأيت مشارقها ومغاربها، فإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، فإني سألت ربي لأمتي أن لا يهلكها بسنة عامة، وأن لا يسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، فإن ربي قال يا محمد إني إذا قضيت قضاءً فإنه لا يُرَد، وإني أعطيك لأمتك أن لا أهلكهم بسنة عامة، وأن لا أسلط عليهم عدوًا من سوى أنفسهم، فيستبيح بيضتهم، ولو اجتمع عليهم من أقطارها، أو قال من بين أقطارها، حتى يكون بعضهم يهلك بعض ويسبي بعضهم بعضًا) قال: قال رسول ﷺ: (إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، وإذا وضع السيف في أمتي لم يرفع عنها إلى يوم القيامة، ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تُعبد الأوثان، وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابًا
1 / 16
كلهم يزعم أنه نبي، وأني خاتم النبيين، لا نبي بعدي، ولن تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من يخذلهم حتى يأتي أمر الله)، رواه ابن حبان، وأصله في صحيح مسلم.
١٥. وعن عمران بن حصين ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال). رواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
١٦. وعن عمر بن الخطاب ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة). رواه الحاكم في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
١٧. عن ثوبان ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (إنما أخاف على أمتي الأئمة المضلين، قال: وقال رسول الله ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من يخذلهم حتى يأتي أمر الله) رواه الترمذي ثم قال: وهذا حديث حسن صحيح، سمعت محمد بن إسماعيل يقول سمعت علي بن المديني يقول وذكر هذا الحديث عن النبي ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق) فقال علي: هم أهل الحديث.
1 / 17
١٨. وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول الله ﷺ: (إذا فسد أهل الشام، فلا خير فيكم، لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة) رواه الترمذي ثم قال: هذا حديث حسن صحيح.
١٩. وعن أبي هريرة ﵁ أن رسول الله ﷺ قال: (لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله لا يضرها من خالفها)، رواه ابن ماجة،
وقال الألباني: حسن صحيح، صحيح سنن ابن ماجة ١/ ٦.
وغير ذلك من الأحاديث الواردة في الطائفة الظاهرة.
1 / 18
المبحث الثاني
تحريف المراد بأحاديث الطائفة الظاهرة
تحدث الكاتب المذكور عن حزبه ونشأته وفكره وطريقته وغايته والعقبات التي تعترض طريقه في الصفحتين ٥٠ - ٥١.
ثم ذكر حديث أبي سعيد الخدري ﵁ قال: (صلَّى بنا رسول الله ﷺ صلاة العصر يومًا بنهار ثم قام خطيبًا فلم يدع شيئًا يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه ...).
وعن حذيفة ﵁ قال: (قام فينا رسول الله ﷺ قائمًا فما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدثه، حفظه من حفظه ونسيه من نسيه قد علمه أصحابه هؤلاء ...) رواه أبو داود وابن حبان.
ثم قال الكاتب: فنتساءل: هل أشار رسول الله ﷺ وهو الحريص على أمته الناصح لها - إلى هذا الحزب في خطبته تلك وهل ذكره ﵊ بالاسم أو بالصفة؟
إننا لم نجد فيما اطلعنا عليه من الأحاديث النبوية الشريفة تصريحًا باسم (حزب التحرير)، ولكننا وجدنا عددًا من الأحاديث تذكر، مجموعة أوصاف لطائفة نحسبها ونرجو أن تكون قد عنت (حزب
1 / 19
التحرير) لأن هذه الأوصاف نراها تنطبق تمامًا على هذا الحزب، ولم نستطع تطبيقها على أي طائفة أو حزب غيره في الواقع المشاهد. ثم ذكر ما يتعرض له حزب التحرير من مناوأة وخذلان الخاذلين، وخلاف المخالفين، وعدم تضرره بهم وقوامته وقيامه على أمر الله سبحانه، وذكر تمسكه بالحق وظهوره على الدين، وتحديد مكان وجوده ونشأته، وأنه سينتصر ويقيم دولة تقاتل الأعداء في آخر الزمان يجعلنا نحسب ونرجو أن تكون هذه الأوصاف دالة بالفعل على
(حزب التحرير). ص٥٢.
ثم ذكر الكاتب مجموعة من الأحاديث التي ورد فيها ذكر الطائفة الظاهرة ومنها:
١. عن معاوية قال: سمعت النبي ﷺ يقول: (لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك) قال عمير فقال مالك بن يخامر قال معاذ: وهم بالشام فقال معاوية: هذا مالك يزعم أنه سمع معاذًا يقول: وهم بالشام.
٢. عن أبي أمامة قال: قال رسول الله ﷺ: (لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم
1 / 20
من لأواء حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك. قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس).
٣. وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: لا تزال طائفة من أمتي قوامة على أمر الله لا يضرها من خالفها). ثم ذكر مجموعة أخرى من الأحاديث التي ورد فيها ذكر الطائفة الظاهرة وقد سبق ذكرها.
ثم قال الكاتب لا فض فوه: [فقوله ﷺ طائفة وأمة وعصابة وقوم، يدل على حزب ولا تدل هذه الألفاظ على أهل الشام كلهم كما فسرها معاوية لدعم موقفه من علي ﵁.
وقوله ﷺ: قائمة، قوامة على أمر الله، يشير إلى قيام الحزب وتمسكه بالإسلام وقوامته على فكر المجتمع وحسه.
وقوله ﷺ: لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم، يدل على خذلان الخاذلين له وخلاف المخالفين له وأن الحق مع الحزب وليس مع هؤلاء وأن الخذلان والخلاف لا تلحق الضرر بالحزب كما هو حاصل فعلًا مع (حزب التحرير).
وقوله ﷺ: لا يزال ولا تزال حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك، يدل على استمرارية الحزب في سيره وعدم توقفه كما يدل على ذلك قوله في حديث الحاكم: حتى تقوم الساعة ...].
1 / 21