2 - (1) أخبرنا محمد بن عبد الله بن أحمد الضبي رحمه الله، قال: أنبأ أبوالقاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن ثابت البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب (ق30ب) رضي الله عنه، قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر همس - والهمس في قول بعضهم يحرك شفتيه كأنه يتكلم بشيء - فقيل له: يا نبي الله، إنك إذا صليت العصر همست؟ فقال: إن نبيا من الأنبياء كان أعجب بأمته، فقال: من يقوم لهؤلاء؟ فأوحى الله عز وجل إليه أن خيرهم بين أن أنتقم منهم، وبين أن أسلط عليهم عدوهم فاختاروا النقمة (2)، فسلط عليهم الموت، فمات منهم في يوم سبعون ألفا.
قال: وكان إذا حدث بهذا الحديث حدث بهذا الحديث الآخر،
قال: كان ملك من الملوك، وكان لذلك الملك كاهن يكهن له، فقال له ذلك الكاهن: انظروا لي غلام فطن، أو قال: لقن، فأعلمه علمي هذا، فإني أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم، ولا يكون فيكم من يعلمه. فنظروا له غلام على ما وصف، فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن، وأن يختلف إليه، قال: وكان على طريق الغلام راهبا في صومعة - قال معمر: أحسب أن أصحاب الصوامع كانوا يومئذ مسلمون - فجعل الغلام يسأل ذلك الراهب كلما مر به عن دينه حتى أخبره، فقال: إنما أعبد الله. قال: فجعل الغلام يمكث عند الراهب ويبطئ عن الكاهن، فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام أنه لا يكاد يحضرني، فأخبر الغلام الراهب، فقال له الراهب: إذا قال لك الكاهن: ما حبسم؟ فقل: أهلي، وإذا قال لك أهلك: (ق31أ) أين كنت؟ فأخبرهم أنك كنت عند الكاهن: فبينما الغلام على ذلك إذ مر بجماعة من الناس كثير قد حبستهم دابة، فقال بعضهم: إن تلك الدابة كانت أسدا. قال: فأخذ الغلام حجرا فقال: اللهم إن كان ما يقول الراهب حقا فأسألك أن أقتلها. قال: ثم رماها فقتل الدابة. فقال الناس: من قتلها؟ فقالوا: الغلام، ففزع الناس إليه، وقالوا: لقد علم هذا الغلام علما لم يعلمه أحد. فسمع به أعمى، فجاءه فقال له الأعمى: إن أنت رددت بصري فإن لك كذا وكذا. قال له الغلام: لا أريد هذا منك، ولكن أرأيت إن رجع إليك بصرك، أتؤمن بالذي رده عليك؟ قال: نعم. فدعا الله فرد عليه بصره، فآمن الأعمى، فبلغ الملك أمرهم، فبعث إليهم، فأتي بهم، فقال: لأقتلن كل واحد منكم قتلة لا أقتلها صاحبه، فأمر بالراهب وبالرجل الذي كان أعمى فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله، وقتل الآخر بقتلة أخرى. ثم أمر بالغلام، فقال: انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فألقوه من رأسه، فلما انطلقوا به إلى ذلك الجبل، وانتهوا إلى ذلك المكان الذي أرادوا جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ويتردون (ق31ب)، حتى لم يبق منهم إلا الغلام. ثم رجع، فأمر به الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقونه فيه، فانطلق به إلى البحر، فغرق الله الذين كانوا معه وأنجاه عز وجل، فقال الغلام للملك: إنك لا تقتلني حتى تصلبني ثم ترميني وتقول إذا رميتني: بسم الله رب هذا الغلام. قال فأمر به، فصلب، ثم قال: بسم الله رب الغلام. فوضع الغلام يده على صدغه، ثم مات، فقال الناس: لقد علم هذا الغلام علما ما علمه أحد، فإنا نؤمن برب هذا الغلام. قال: فقيل للملك أجزعت أن خالفك ثلاثة، فهذا الناس كلهم يخالفونك. فخد أخدودا ألقى فيها الحطب والنار، ثم جمع الناس. ثم قال: من رجع إلى دينه تركناه، ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النار، فجعل يلقيهم في تلك الأخدود. فذلك قوله عز وجل: {قتل أصحاب الأخدود (#) النار ذات الوقود (#) إذ هم عليها قعود (#) وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود (#) وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}، فذكر أن الغلام أخرج في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإصبع يده على صدغه كما وضعها حين قتل.
3 - وأخبرناه (3) قال: أنبأ أبو القاسم الطبراني، قال: ثنا محمد بن محمد التمار البصري، قال: حدثني علي بن عثمان اللاحقي، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال أنا ثابت (ق32أ) البناني، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر الحديث.
قال الشيخ الإمام: هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في الصحيح في آخر الكتاب، عن هداب (4)، عن حماد بن سلمة، عن ثابت البناني، عن ابن أبي ليلى، عن صهيب، فوقع لنا عاليا بحمد الله.
قال ابن عباس رضي الله عنهما جاء أنه في كتاب الله هذه الأية {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق في الدنيا مع (5) حرقهم لا يعاقبهم الله إلا بترك التوبة.
مخ ۴