وإذا كانت الأفلام والروايات المسرحية في قبضة المخرجين، وكان المخرجون في قبضة رأس المال، فشاعر الربابة الذي تسخره عشرة دراهم من العشاء إلى مطلع الفجر تراه في أي قبضة كان؟ وما هي المناورات المصرفية أو البرجوازية أو الحركية أو الاسترخائية التي كانت تدبر من وراء الستار لصرف الشاعر عن الكلام في الرغيف والفول المدمس إلى الكلام في البطولة والغزل وغرام مرعي وسعدى وآخرين وأخريات؟
إن هذه الملاحم حقيقة واقعة، وإن غرام الشعب بها حقيقة واقعة، وإن ثباته على الافتتان بها مع اختلاف الدول والأحوال الاقتصادية والطبقات الحاكمة حقيقة واقعة.
فأين يذهب تعريفنا الأدب بأنه مسألة اجتماعية بين هذه الحقائق الواقعة؟ وأي فرق بين الأخذ بذلك التعريف وإهماله غاية الإهمال؟
أليس المقصود بالأدب الشعبي أن يكتب بلغة الشعب؟
أليس المقصود به أن يلقى القبول والإقبال عند طبقة الشعب؟
أليس المقصود به أن يصدر من صميم الشعب ولا يصدر من الحكام أو المستغلين؟
أليس المقصود به أن يأتي طواعية من الناظم إلى المستمعين بغير تسليط ولا إكراه؟
بلى، وكل أولئك كان موفورا للملاحم الهلالية وما جرى مجراها. فلماذا كانت هذه الملاحم دائرة على البطولة والغزل، ولم تكن دائرة على الرغيف والفول المدمس؟ ومن الذي أكره الشعب على طلب هذه المعاني والإعراض عما عداها؟
جواب واحد لا سبيل إلى الحيد عنه بكلمة من كلمات الرطانة التي يلفظ بها أصحاب الأمر والنهي في تعريفات الآداب.
وذلك الجواب هو شعور الإنسان.
ناپیژندل شوی مخ