لم أتوقع استقبالا أفضل؛ اعتدت ألا أبالي! وقفت المرأة منفعلة، ثم سرعان ما جلست على كرسيها المجدول من القش، وهي تقول بمرارة ساخرة: أول زيارة مذ رجعنا إلى سطح الأرض.
ما زالت قسمات وجهها تتشبث بذكريات جمالها. الرجل يقظ مفيق رغم أنفه. من هذين ولد المؤلف المجرم.
قلت كالمعتذر: الدنيا شبكة من الهموم، وما أنا إلا غريق من الغرقى.
فقال كرم يونس: جئت من الماضي كذكرى من أسوأ ذكرياته. - لست أسوأ من غيري!
لم يدعني أحد للجلوس في المقلى، فلبثت واقفا في موقف الزبائن، وشجعني ذلك على التمادي فيما جئت من أجله، وتساءل كرم في جفاء: هه؟
فقلت بتحد: معي أخبار سيئة!
فقالت حليمة: لم نعد نحزن للأخبار السيئة. - حتى لو تكون عن الأستاذ عباس يونس؟
فقلقت نظرتها في حدة، وهتفت: لن تزال عدوه حتى الموت!
وقال كرم: إنه ابن بار؛ هو الذي أنشأ لنا هذه المقلى، بعد أن رفضت العودة إلى عملي القديم بالمسرح.
وقالت حليمة بفخار: وقد قبلت مسرحيته. - قرئت علينا أمس. - رائعة ولا شك! - مرعبة ... ماذا تعرفان عنها؟ - لا شيء. - ما كان بوسعه أن يخبركما ... - لماذا؟ - إنها باختصار تدور في بيتكم هذا، مكررة ما وقع فيه بالحرف الواحد، كاشفة في الوقت نفسه عن جرائم خفية تفسر الوقائع تفسيرا جديدا.
ناپیژندل شوی مخ