ما أضيق صدري وأنا راجعة إليك؛ دخلت الزنزانة وجلست. سأقول كلمة عن لقاء فؤاد شلبي، ولن أزيد، لن أريحه، إنه لا يحب عباس، يتظاهر بعدم الاهتمام، ليته يتعذب كما أتعذب! نحن نبيع التسلية، أما تسليتنا الوحيدة فهي تبادل السباب. •••
في الخيبة أمضي درجة بعد درجة، لكن الشر الجديد يهدد أساس البيت. - الأفيون مخيف جدا، إنه يلتهمك! - شكرا له على أي حال. - إنك تنسحب من دنيانا بسرعة مزعجة. - أكرر له الشكر! - إني أبذل أقصى ما في جهدي، وهناك عباس، وهو حبيبك.
مضى يرشف من قدح الشاي الأسود غائبا عني. - مرتبي لا يكفي وحده للإنفاق على البيت. - عندك إيجار حجرة رمضان. - ولا هذا يكفي، الدنيا نار.
إني الآن أعرفك، ولذلك أخشاك، لست كما تصورتك في أيامنا الأولى. ها أنت تفقد كل شيء، حتى قدرتك التي تباهيت بها. استقل كل منا بحجرة خاصة، لا حب وأيضا لا طعام؟! أنت أنت الباقي يا عباس، لا تحفظ كلام بابا ... لا تصدقه؛ فإنه مريض. من حسن الحظ أنك غالبا وحدك، الله معك، فيه الكفاية! كن ملاكا، ليكن صديقك المدرس والكتاب والمسرح، كن ابني وابن الآخرين الطيبين؛ إنك النور الوحيد في هذا البيت القديم الغارق في الظلام، كن وحيدا في كل شيء. •••
يسترق إلي النظر أحيانا، لعلي أبوح له بما لدي؛ هيهات! أتحداك أن تكرهني أكثر. تساءل: عندما يجيء الشتاء، فكيف نحتمل البقاء في هذه المقلى المفتوحة؟
فقلت بثقة: عندما ينجح عباس يتغير المصير كله.
فرد بمرارة: عندما ينجح عباس!
فقلت بتحد: سأذهب معه، ولن يضن عليك بمعطف أو عباءة. •••
البوفيه الأحمر باق كما كان، يضحك من تغير رواده، سمع الكثير مما يقال، ولا يصدق أحدا. يقول لي عم أحمد برجل: هاك السندوتش، وسأعد لك الشاي.
ويجيء، فيجلس على المقعد إلى جانبي شاب، فيطلب أيضا الفول والسندوتش؛ إنه من أهل المسرح فيما يبدو، ولكنه ليس من الممثلين؛ شاب مقبول المنظر، كبير الرأس والأنف.
ناپیژندل شوی مخ