افکار او خلک: د لويديځ فکر کيسه
أفكار ورجال: قصة الفكر الغربي
ژانرونه
وكذلك لا يحب إنسان عاقل أن يلفظ «الطفل» الذي يتمثل في التعميمات السليمة، أو النظريات. غير أن في هذا المجال مشكلة، تلك هي الفصل بين التعميمات السليمة، والتعميمات غير السليمة. في ميدان مثل ميدان العلوم الطبيعية توجد نواة من النظريات يعرفها كل العاملين ذوي الكفاية في الميدان، ولا مناص لهم جميعا من قبولها. وليس الأمر كذلك في ميادين علوم الدين والفلسفة والأدب والفن - كما سنبين فيما بعد - فمن البين هنا أن رجال المعرفة والذوق يختلفون فيما بينهم اختلافا شديدا؛ لأننا في هذه الميادين لا نكتفي بالتساؤل «عما هو كائن»، وإنما نحس جميعا، بدرجات متفاوتة، أن «شيئا آخر ينبغي أن يكون».
وفي المجتمع الديمقراطي يعتقد الناس أن لكل عضو في المجتمع دورا يلعبه في العملية المعقدة التي يتحول فيها «ما ينبغي أن يكون» - أي حاجات الناس والأشكال التي يعبرون بها عن هذه الحاجات - تدريجا، وبصورة ناقصة، وربما كذلك بطريقة لا يمكن التنبؤ بها، إلى «ما يكون». (والمشكلات التي يقابلها المرء في هذه العملية، وهي أولا: هل العملية وهم من الأوهام؟ - وتلك هي بعينها المشكلة القديمة: الحتمية أو حرية الإرادة - هذه المشكلات أمثلة طيبة للمشكلات التي لا تحل ولكنها - برغم ذلك - ملحة، ولها أهميتها التي لا يمكن تجاهلها، وقد اهتم بها العقل الغربي آلاف السنين.)
لا بد للفرد في المجتمع الديمقراطي أن يمارس الحكم في مثل هذه المشكلات؛ لأنه إذا لم يفعل فلا مندوحة من أن يصدر فيها الحكم خصوم الديمقراطية أصحاب النفوذ بطريقة لا ترضيه. وقد عبرت ب «الممارسة» عمدا؛ لأني قصدت إلى بذل الجهد العقلي والبدني. ولكن الجهد العقلي معناه إصدار القرارات، ومحاولة حل المشكلات التي لم يبت فيها مقدما ، ومحاولة الموازنة والاختيار بين التعميمات المتعارضة. وهذا الكتاب يعطي القارئ الجاد فرصة كافية لمثل هذه الممارسة.
ولم أهدف من هذا الكتاب أولا إلى أن أقدم للقارئ المعرفة، وليس هو بالكتاب الذي يعين القارئ على أن يتفوق في حل الألغاز، وليس تاريخا لأي نظام من النظم الكبرى، عن دين، أو فلسفة، أو بحث، أو علم، أو أدب، أو فن؛ فإن كتابا موجزا يعالج كل هذه الموضوعات لا يعدو أن يكون قائمة بأسماء، وقليلا من العناوين الملائمة، كقولنا مثلا: «شلي الهوائي»، أو «كيتس صاحب الصوت العذب». وأود أن أذكر بخاصة أن هذا الكتاب ليس تاريخا للفلسفة، ولم يكتبه فيلسوف محترف، ولا يعالج فيلسوفا واحدا معالجة كاملة شاملة من جميع النواحي. وإنما أحاول جهدي في هذا الكتاب أن أعالج ذلك الجانب من عمل الفيلسوف الذي كان له أثر فيما عند الطبقات المثقفة من آراء. إنه - على حد تعبير المستر د. س. سومرفل - تاريخ آراء (أي وجهات من النظر) أكثر منه تاريخ أفكار. ولا يمكن أن يحل محل الدراسة العميقة لتاريخ الفلسفة بشكلها المعروف لأولئك الذين يريدون أن يقوموا بمثل هذا العمل.
وثمة كلمة إيضاح أخيرة. إن القارئ الجاد قد يجد أن معالجتنا لكثير من هذه المشكلات أبعد ما تكون عن الجد، بل قد يجدها خفيفة لا وزن لها، وهذه مشقة حقيقية. ويبدو لمؤلف هذا الكتاب أن كثيرا من المشكلات الضخمة التي تتعلق بالخير والجمال كثيرا ما عولجت - وبخاصة بين الشعوب التي تتكلم الإنجليزية - بقدر كبير من التوقير، مما أدى إلى الخلط الشديد بين «ما ينبغي أن يكون» و«ما هو كائن». ويحب الأمريكيون أن يعدوا أنفسهم مثاليين، والواقع أن كثيرا منهم كذلك. غير أن الأجانب كثيرا ما يتهموننا بأننا نفصل فصلا تاما بين مثلنا وأعمالنا، وهم في هذا غير منصفين، بالرغم من أن موقفهم له سند من الواقع؛ فنحن نميل - كشعب - أن نقدس بعض الآراء المجردة إلى درجة يحتمل معها أن نخطئ فنحسب أننا بمجرد تدوين الأفكار على الورق، وبمجرد قبولنا شفويا لهدف من الأهداف باعتباره فاضلا، قد حققنا الهدف. ويشهد بذلك تاريخ حياة وودرو ولسن منذ إعلان الشروط الأربعة عشر حتى الانتهاء من معاهدة فرساي. ويشهد بذلك أيضا «التعديل الثامن عشر».
وقد بذلت في هذا الكتاب إزاء هذه الموضوعات جهدا يشبه جهد الطبيب في عيادته، وهو نظرة إلى الأمور تتطلب دقة البحث في التافه والحقير بغية إدراك ما نعالجه فعلا عندما ندرس الأفكار التي لها تأثيرها في الكائنات البشرية التي تحيا فعلا. ولا يمكن أن توصم هذه النظرة بأنها «ضد التوقير»، وإنما هي نظرة «لا يتوافر فيها التوقير» أثناء القيام ببحث المشكلة بالطريقة التي يعالج بها الطبيب مرضاه.
ولا تعني هذه النظرة إنكار وجود الخير والجمال، أو إنكار الرغبة فيهما، أكثر مما يعني الفحص الطبي إنكار وجود الصحة والسلامة أو الرغبة فيهما.
حدود تاريخ الفكر
إن مجال الدراسة الذي يعرف باسم تاريخ الفكر ليس أمرا هينا محدود الجوانب؛ فقد يندرج تحت هذا العنوان مدى فسيح من الموضوعات الفعلية، من آثار الفلاسفة الممعنين في التجرد، إلى التعبير عن الخرافات الشائعة مثل التشاؤم الشديد من العدد 13. وقد تعرض مؤرخو الفكر لأفكار الفلاسفة كما تعرضوا للآراء التي يعتنقها رجل الشارع، ومهمتهم الأساسية هي محاولة تعرف «العلاقات بين آراء الفلاسفة، والمثقفين، والمفكرين، وطريقة العيش الواقعية للملايين الذين يحملون على عواتقهم واجبات المدنية».
وهي مهمة تفرق أساسا بين تاريخ الفكر وبين تلك النظم القديمة الثابتة، مثل تاريخ الفلسفة، أو تاريخ العلم، أو تاريخ الأدب. مؤرخ الفكر تهمه الأفكار أنى وجدها، سواء أكانت أفكارا همجية أم معقولة، تأملا رقيقا أم تحيزا عاما. ولكنه يهتم بهذه الثمار من نشاط الإنسان العقلي من حيث تأثيرها في وجود الإنسان كله أو تأثرها بهذا الوجود. ومن ثم فهو لا يتعرض فقط للأفكار المجردة التي تولد غيرها من الآراء المجردة؛ فهو لا يتعرض مثلا لتلك النظرية السياسية المجردة التي تعرف بالعقد الاجتماعي كأنها ناحية من نواحي التفكير المشروع فحسب. إنما هو يعالج حتى أشد الأفكار تجريدا عندما تتسرب هذه الأفكار إلى رءوس الأفراد العاديين وقلوبهم؛ فهو يفسر ما كان يعني العقد الاجتماعي لأولئك الثوار في القرن الثامن عشر الذين قر في نفوسهم أن حكامهم قد خرقوه.
ناپیژندل شوی مخ