افکار او خلک: د لويديځ فکر کيسه

محمود محمود d. 1450 AH
79

افکار او خلک: د لويديځ فکر کيسه

أفكار ورجال: قصة الفكر الغربي

ژانرونه

ومهما يكن من أمر فمما لا شك فيه أن الفروسية الأوروبية كأسلوب من أساليب الحياة بدأت عقيدة مبسطة عند الرجال المقاتلين، ثم تطورت - كما تطور أكثر ما ينتمي إلى العصور الوسطى - إلى أفضل حالاتها زهاء القرن الثالث عشر، حينئذ أصبح لها قانون للعمل معقد، قانون يحسن أن يرتبط بتلك السلسلة الطويلة المتشابكة من العلاقات الشخصية التي رفعت مجتمع العصور الوسطى إلى أوجه. أقصد في إيجاز أنها باتت أقرب إلى أن تكون نظاما من نظم العلاقات البشرية، نظاما مجربا متزنا، أو طريقة من طرق أداء العمل في هذه الدنيا. وهي - بهذا المعنى - تظهر في أحسن حالاتها في مذكرات سيير دي جوانفيل، الرفيق الصليبي للملك لويس التاسع المقدس، ملك فرنسا. وكانت عند جوانفيل بصورة واضحة تلك الفضائل التقليدية الإقطاعية، الولاء لملكه، والإيمان المطلق في المسيحية الكاثوليكية، وفوق هذا وذاك صفحة البراءة الرياضية التي حاولنا أن ننقلها إلى القارئ فيما سبق. ولم يكن جوانفيل من غير المثقفين فحسب، بل إنه لم يكن كذلك مفكرا على مستوى مرتفع ويقاتل مع رفاقه كما تدربوا على القتال. ومن الواضح أنه لم يكن البتة مبتكرا، ولم يألف قط أن ينظر إلى العالم باعتباره متغيرا، ولم يألف بالتأكيد أن ينظر إليه باعتباره متقدما. وكان جوانفيل من ناحية أخرى بشكل واضح أيضا رجلا معقولا عمليا، يحسن معاملة زملائه، لا تظهر فيه البتة تلك الصفات الخلابة التي أصر الرومانتيكيون في القرن التاسع عشر على وجودها في العصور الوسطى. تجد عنده - كما تجد عند أكويناس في ميدان آخر - إحساسا بالتوازن، يناقض تماما ما تعلمناه في كثير من الأحيان عن العصور الوسطى.

وقد خدم جوانفيل في حرب صليبية مع لويس التاسع، الذي لقب فيما بعد بسنت لويس. وكان يقدس ذكرى الملك الذي قال عنه: «إنه كان يحب الحق إلى درجة تجعله حتى عندما يتعامل مع العرب لا يرتد عن كلمته.» غير أن لويس المقدس لم يستطع أن يسوق هذا الشاب معه إلى الفضيلة المطلقة التي تتعلق بالعالم الآخر. وفي عبارة مشهورة يحدثنا كيف أن الملك استقبل راهبين، وشرع يحدثه عن الدين قائلا: «قال الملك: إني أسألك الآن أيهما تفضل: أن تكون أبرص ، أو أن ترتكب ذنبا بشريا؟ وأجبته - وأنا ذلك الرجل الذي لم يكذب عليه قط - إني أوثر أن أرتكب ثلاثين ذنبا بشريا على أن أكون أبرص. ولما رحل الراهبان، استدعاني منفردا، وأجلسني عند قدميه، ثم قال لي: ماذا قلت لي منذ لحظة؟ وذكرت له أني ما زلت أقول نفس القول. فقال لي: لقد كنت تتكلم كالمجنون؛ لأنه ينبغي لك أن تعرف أنه ليس هناك أبرص أقبح من رجل يرتكب إثما بشريا؛ لأن الروح في حالة ارتكابها الإثم البشري تكون كالشيطان، ولذلك فلا يمكن أن يوجد أبرص في مثل هذا القبح. ومن الحق في الواقع أن الرجل عندما يموت يشفى جسده من البرص، ولكن الرجل الذي ارتكب إثما بشريا لا يعرف عندما يموت إن كان في حياته قد ندم ندما يجعل الله يعفو عنه. ولذلك وجب عليه في الواقع أن يخشى دوام هذا النوع من البرص معه ما دام الله في فردوسه. ومن ثم فإني أرجوك رجاء حارا أن تعود قلبك من أجل محبة الله ومحبتي أن يؤثر إصابة بدنك بأي شر من الشرور بسبب البرص أو غيره من الأمراض على أن يحتل روحك إثم بشري.»

وكان الاتزان - كما هي الحال دائما في تاريخ الغرب - وجيزا غير ثابت. كانت الفروسية أسلوبا من أساليب العيش يتأثر سريعا بالمبالغة. ولم تأخذ البتة صفة الشيخوخة الموقرة. وسرعان ما حلت بثقافة الفروسية هذه، التي لم تتحل بفضيلة الشيخوخة، تلك الشكلية، وذلك التقليد الأعمى، وجمود الدم في شرايين الفكرة المستحدثة، مما يلحق بكل ثقافات الغرب، وما تعلق بهذه الثقافات. ومن الواضح ومما يلفت النظر أن القتال الذي ربما كان فيما سبق مبررا لوجود طبقة إقطاعية مميزة، كما يفسر وجودها كذلك، من الواضح أن هذا القتال بدأ بظهور الجيوش المحترفة المأجورة الحديثة في القرن الرابع عشر يتحول إلى لهو صريح. وبهذه الصفة تحول إلى مباراة مملة شديدة التعقيد، تعرف في الفروسية بالمبارزة. وأخذت قواعد هذه المبارزة تزداد تعقيدا، وأسلحة الدفاع تشتد قوة، حتى لم يكن أحد في النهاية يصاب بأذى بدني، بالرغم من وقوع الحوادث.

ولم تكن نظرة الفروسية إلى الحب والنساء - حتى في أشد عهود الفروسية اتزانا - إعزازا للفكرة التي يمليها العقل؛ إن كان هناك في مثل هذه الأمور عقل.

إننا كلما ازددنا في القرن العشرين علما بالشعوب غير الغربية أدركنا أن ما نسميه - وهي أفضل تسمية - بتقاليد الحب الخيالي، إنما هو في كثير من نواحيه من خصائص مجتمعنا وحده؛ فإن الصينيين والهنود وشعوبا كثيرة أخرى لا تشترك معنا فيه. وهذه التقاليد - حتى في الغرب - أبعد ما تكون عن الثبات، وربما كانت اليوم سريعة التغير، ولكنها تقاليد معقدة، عميقة الجذور، لها صور محلية متعددة، وكثير من الأصول المعقدة. والمسيحية قطعا أصل من هذه الأصول.

وهناك أصل آخر له أهميته القصوى يتمثل في الصور المختلفة التي أدخلتها الفروسية في العصور الوسطى. ولا نستطيع اليوم حتى أن نقرأ عبارة معتدلة عن مثل الحب الرقيق ووسائله كما وردت في «قصة الفارس» لشوسر، دون أن ينتابنا شعور غريب. في هذه القصيدة يقع رجل وابن عمه، وهما بالامون وأركيت، وهما فارسان من طيبة وقعا في الحرب في أسر دوق أثينا (ولم تهتم العصور الوسطى كثيرا بالدقة التاريخية) في حب أميلي الحسناء، التي لا يكادان أن يلمحاها من داخل السجن. وفي خلال سنوات عدة قضياها في السجن وخارجه، ينشب بين ابن العم - بالرغم من ارتباطهما بصلة الدم وشرف الفروسية - نزاع مميت على أميلي، ويحدث كل هذا دون أن يتعرفا إليها، ودون استجابة منها.

وتعلم الفتاة أخيرا بالتنازع على حبها، ولكنها - كما يصور الشاعر - تدعو ديانا في الليلة السابقة للمبارزة العظمى بين بالامون وأركيت التي ينظمها الشاعر في نهاية الأمر، فتقول:

أيتها الربة الطاهرة،

اشهدي أني أحب أن أبقى عذراء طوال حياتي،

لن أقع في حب، ولن أصير زوجا،

ناپیژندل شوی مخ