تظلم ما تحويه فيك فلم يغث ... وقد جعلت في راحتيك المظالم
ومن عجب أن تظلم المال وحده ... ولم يبق في أيامك الغر ظالم
وقوله أيضًا:
يا عادلا في كل ما هو فاعل ... ما بال كفك في اللهى لا تعدل؟
تبقى أحاديث القتيل بسيفه ... فكأنما يحيي به من يقتل
وهذا البيت من قول ابن نباتة:
تبقى بهم أخبار من غلبوا ... فكأنهم أحيوا وقد قتلوا
وقال أبو الطيب:
وأن دما أجريته بك فاخر ... وأن فؤادا رعته لك حامد
وقال مهيار:
ويستطيل القرن لاقى الردى ... بهم وما في الموت من طائل
ويشرف السيف بما شامه ... ويفخر المقتول بالقاتل
ومن باب ظلم المال قول الآخر وذكر الخيل:
ما أوردوها قط إلا أصدرت ... جرحى الصدور سليمة الأكفال
وإذا انجلت عنهم دياجير الوغى ... عدلوا بفتكهم إلى الأموال
ووصفه الخيل من قول الرضي: (فُجعت بمنصلت) يعرف للقنا=أعناقها ويحصن الأكفالا وهو مأخوذ من قول الببغاء:
يلقى الطعان بصدر منه ليس له ... ظهر وهادي جواد ماله كفل
وقال محمد بن عثمان في وصف قصر، وهو بصفات مباني مولانا أليق، وأرجه في أرجائها أعطر وأعبق:
هو جنة الدنيا تبوأ نزلها ... ملك جبلته التقى والدين
راسٍ بحيث النون إلا أنه ... سام فقبته بحيث النون
فكأنما الرحمن عجله له ... ليرى بما قد كان ما سيكون
وكأن بانيه سنمار فما ... يعدوه تحسين ولا تحصين
وجزاؤه فيه خلاف جزائه ... شتان ما الإحياء والتحيين
ومحمد بن عثمان من المكثرين المبدعين، والمتصرفين التوسعين، ومن مليح تشبيهاته:
والسمر من قلب القلوب مواتح ... وكأنها موصولة الأشطان
والنبل في حلق الدلاص كأنها ... وبل الحيا في مائج الغدران
وقوله أيضًا:
وفويق ذاك الماء من شهب القنا ... حبب ومن خضر الصوارم عرمض
أهواهم وإن استمر قلاهم ... ومن العجائب أن يحب المبغض
وقوله في وصف هام المصلين:
وقد تلم بها الغربان واقعة ... كأنها فوق مخلوقاتها لم
وقال:
تكاد تغنى إذا شاهدت معتركا ... عن أن يسل حسام أو يراق دم
وما اجتدى الموت نفسًا (من نفوسهم) ... إلا وسيفك كعب الجود أو هرم
وهذا من القول المعجب، والنظم المطرب، والبيت الأول قول مهيار:
ألق السلاح فقد غنيت سعادة ... عن حمله واضرب بجدك واطعن
وإذا أردت بأن تفل كتيبة ... لاقيتها فتسم فيها واكتن
وقال الآخر:
أدل بجمعه فكفاك جد ... يفل سعوده الجيش اللهاما
ضربناه بذكرك وهو لفظ ... فكان القلب واليد والحساما
وقال:
وما خيلاء الخيل فيها سجية ... ولكنها لما امتطيت توائه
فنصرك أيا ما سلكت مساير ... وفتحك أيا ما اتجهت مواجه
وقال في وصف هذه القصيدة:
ففي أنفس الحساد منها هزاهز ... وفي ألسن النقاد منها زهازه
وهذا من العكس الذي يطرب له السامع، وتقل فيه المطالع، ومن بديعه قول ابن جاخ:
وتحت البراقع مقلوبها ... تدب على ورد خد ند
تسالم من وطئت خده ... وتلسع قلب الشجي الأبعد
وللنيلي أحد شعراء اليتيمة:
إذا دهاك الوداع فاصبر ... ولا يروعنك البعاد
وانتظر العود عن قريب ... فإن قلب الوداع عادوا
وقد أخذه ابن أبي وهب فقال:
قالوا تدانيت من وداعهم ... ولم نر الصبر عنك مغلوبا
فقلت للعلم إنني بغد ... أسمع لفظ الوداع مقلوبا
ومن ضروب العكس قول البحتري:
ولم ير يوما قادرا غير صافح ... ولا صافحا عن زلة غير قادر
وقول الآخر - وهو على دولاب -:
عبدك يا عبدون في نعمة ... صافية أذيالها ضافية
نديمتي جارية ساقية ... ونزهتي ساقية جارية
وعلى ذكر الدولاب فلم أسمع فيه أحسن من قول السلامي
وكأنما الدولاب ضل طريقه ... فتراه ليس يزول وهو يطوف
وقال أبو الطيب سالكًا مذهب البحتري:
فلا مجد في الدنيا لمن قل ماله ... ولا مال في الدنيا لمن قل مجده
وقال ابن حيوس:
1 / 14