Jean-Marie Auzias: Clefs pour le structuralisme. paris (Seghers) 1967.
L. Sebag: structuralisme et marxisme. (payot), 1969.
J. Milhau: Chroniques philosophiques. (Editions Sociales), 1972.
الباب الرابع
العلم والقيم
العلم والحرية الشخصية
مقدمة
ومشكلة الحرية الإنسانية - في عمومها - من المشكلات التي خلفت وراءها تراثا طويلا، وعولجت بإسهاب طوال فترات الفكر الإنساني من الزوايا الفلسفية والأخلاقية والاجتماعية والقانونية والنفسية. ولكن العلاقات بين العلم والحرية الشخصية لم تبحث بحثا صريحا، ولم يخصص المفكرون لها - فيما نعلم - كتابات مستقلة. وليس معنى ذلك أن الموضوع جديد كل الجدة، وإنما الذي نعنيه أن أية معالجة لهذا الموضوع لن تكون مرتكزة على تراث قديم العهد من المراجع والكتابات التي تعين الباحث على الاهتداء إلى طريقة، بل سيكون لزاما عليه أن يستخلص معلوماته في هذا الموضوع على نحو ضمني من كتابات لم تكن تتخذ مشكلة الصلة بين العلم والحرية محورا لأبحاثها. أما التركيب العقلي الذي يقوم به من أجل استكشاف الأبعاد المختلفة للموضوع والجمع بين أطرافه، فلا مفر للباحث من أن يعتمد فيه على جهوده الخاصة. (1) العلم والحرية: لمحة تاريخية
من المعروف أن مفهوم «العلم» بمعناه الدقيق المحدد - الذي نستخدمه فيه للدلالة على المعرفة المنظمة الخاضعة لمناهج دقيقة - يعد مفهوما حديثا نسبيا، وأن البشرية ظلت طوال الجزء الأكبر من تاريخها تستخدم لفظ العلم بمعنى آخر لا يمكن القول: إنه مضاد لهذا المعنى الأول، بل هو أوسع منه وأشمل بكثير، وأعني به معنى «المعرفة» والسعي إلى بلوغ الحقيقة، إلى اكتساب معارف عن الإنسان والمجتمع والطبيعة، بل وعما وراء الطبيعة وما يخفى عن طرق إدراكنا المألوفة؛ فالبحث الميتافيزيقي في مثال المثل - عند أفلاطون - أو في المحرك الأول - عند أرسطو - كان عندهما يدخل في صميم العلم، بل ربما كان هو «العلم» على الحقيقة، مع أنه بمقاييس المناهج العلمية الحديثة أبعد ما يكون عن العلم. بل إن البحث في الأمور الغيبية هو عند رجال الدين واللاهوت علم بأكمل معاني الكلمة، وإن كان في نظر العلماء المنهجيين مفتقرا إلى أبسط الشروط التي لا يمكن بدونها أن يسمى البحث علما. وهكذا عاشت البشرية أمدا طويلا تستخدم لفظ العلم بمعنى موسع لا يكون المعنى الراهن إلا جزءا ضئيلا منه.
بهذا المعنى الموسع الذي يكون فيه العلم مرادفا «للمعرفة» - أيا كان نوعها - ظهر ارتباط وثيق بين العلم وبين الحرية منذ أقدم عصور الوعي الإنساني. بل إن قصة هبوط آدم من الجنة - في العقائد السماوية - تنطوي على دلالة واضحة من حيث الربط بين الحرية وبين الفهم والمعرفة والعلم ، وتأكيد الإنسان لنفسه بوصفه موجودا له كيانه الخاص، وله عقله الذي يستقل به عن الطبيعة الجامدة، ويسعى به إلى فهمها والسيطرة عليها في الوقت ذاته. «في البداية كان الرجل والمرأة يعيشان في جنة عدن في انسجام تام معا ومع الطبيعة، وهناك كان السلام مستتبا، ولم تكن ثمة حاجة إلى العمل ولم يكن ثمة اختيار ولا حرية ولا تفكير أيضا، كان الرجل محرما عليه أن يأكل من شجرة معرفة الخير والشر. ولكنه تصرف على نحو معارض للأمر الإلهي، وخرج عن حالة الانسجام مع الطبيعة التي يكون جزءا منها، وإن لم يكن يعلو عليها. ولقد كان هذا - من وجهة نظر الكنيسة التي تمثل السلطة - خطيئة أساسية. أما من وجهة نظر الإنسان، فكان بداية الحرية الإنسانية، فسلوك الإنسان ضد أوامر الله يعني تحرير ذاته من القهر، وارتقاءه من طريقة الوجود غير الواعية المميزة للحياة في مراحلها السابقة على الإنسانية إلى مستوى الإنسان. هذا السلوك ضد أوامر السلطة وارتكاب الخطيئة هو في وجهه الإنساني الإيجابي أول فعل من أفعال الحرية، أي أول فعل إنساني؛ ففي القصة تكمن الخطيئة - من جانبها الشكلي - في السلوك ضد الأمر الإلهي. أما من جانبها المادي فهي تكمن في الأكل من شجرة المعرفة؛ أي إن فعل العصيان - بوصفه فعلا حرا - هو بداية العقل.»
ناپیژندل شوی مخ