اضواء په محمد صلی الله علیه وسلم په سنتو باندې
أضواء على السنة المحمدية
ژانرونه
ولو أنت نصفحت البخاري ومسلم لما وجدت فيهما حديثا واحدا لامين هذه لامة أبى عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح ، وليس فيهما كذلك حديث لعتبة ابن غزوان وأبى كبشة مولى رسول الله وكثيرين غيرهم . والاخبار في ذلك كثيرة لا يمكن استقصاؤها وإليك كلمة صغيرة نختتم بها هذا الفصل . قال ابن القيم : إن الصحابة كانوا يهابون الرواية عن رسول الله ويعظمونها ويقللونها - خوف الزيادة والنقص - ويحدثون بالشئ الذى سمعوه من النبي مرارا . ولا يصرحون بالسماع ولا يقولون : قال رسول الله (1) . تشديد الصحابة في قبول الاخبار كان الخلفاء الراشدون وكبار الصحابة وأهل الفتيا منهم - كما علمت - يتقون الرواية عن النبي ويهابونها بل كانوا يرغبون عنها ، إذ كانوا يعلمون أنهم لا يستطيعون أن يؤدوا كل ما سمعوه عن النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه الصحيح لان الذاكرة لا يمكن أن تضبط كل ما تسع ، وما تحفظه مما تسمعه لا يمكن أن يبقى فيها على أصله مهما تحرى الانسان الضبط ، وكذلك لم يأمنوا من يسمع منهم أن يغير فيما سمعه بالزيادة أو النقص أو الغلط أو التبديل أو التحريف أو بغير ذلك ، وهم بما عرفوا من أصول الدين وفروعه كاملة عن رسول الله ما كانوا ليرضوا بما رضى به بعضهم ومن جاء بعدهم من رواية الحديث " بالمعنى " لانهم كانوا يعلمون أن تغيير اللفظ يغير المعنى في الغالب ، وكلام الرسول ليس كغيره من الكلام ، إذ كل لفظة من كلامه صلى الله عليه وسلم يكمن وراءها معنى خاص يقصده هو (صلى الله عليه وسلم) . من أجل ذلك كانوا يتشددون في قبول الاخبار من إخوانهم في الصحبة مهما بلغت درجاتهم ، ويحتاطون في ذلك أشد الاحتياط ، حتى كان أبو بكر لا يقبل من أحد حديثا إلا بشهادة من غيره على أنه سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد وضع بعمله هذا أول شروط علم الرواية وهو شرط الاسناد الصحيح . قال الذهبي في ترجمته (2) : إنه أول من احتاط في قبول الاخبار .
---
(1) ص 128 ج 4 من أعلام الموقعين . (2) ص 3 ج 1 من تذكرة الحفاظ . (*)
--- [ 58 ]
مخ ۵۷