يستمر سميث في طرحه فيرى بأننا عندما نفرض القيود على الواردات أملا في الحفاظ على مخزون الذهب والفضة، فإن ذلك يعني أن المستهلك المحلي يملك خيارات أقل؛ إذ يتوجب عليه أن يشتري ما يحتاجه من منتجين محليين بدلا من الشراء من نطاق متنوع من المنتجين الأجانب، الذين قد تكون سلعهم أفضل أو أرخص؛
36
مما يجعل هذه السياسة مكلفة وتأتي بنتائج عكسية. أما بالنسبة لتقسيم العمل بين المجالات المختلفة، فإن الدول ينبغي لها أيضا أن تضطلع بما تتفوق في فعله على النحو الأفضل، ثم تتبادل الفائض الناتج. إن هذا الطرح يقدم وصفا مبكرا للمبدأ الذي ندعوه اليوم «الميزة المطلقة». ويختم سميث تحليله بمثال حي، فيقول:
إن استخدام الصوبات الزجاجية والمستنبتات وجدران الاستنبات ذات المداخن الحرارية يتيح لاسكتلندا أن تزرع نوعية جيدة جدا من العنب، كما يمكن أن يصنع منه خمر عالي الجودة بتكلفة تبلغ - على الأقل - قرابة ثلاثين ضعف تكلفة أي خمر جيد بالمثل مصنع في دولة أجنبية؛ فهل سيكون من المعقول أن نسن قانونا يمنع استيراد كافة الخمور الأجنبية لمجرد تشجيع صناعة خمر الكلاريت والبرغندية في اسكتلندا؟
37
إن مثل هذه السياسة التدخلية ليست مكلفة وغير عقلانية فحسب، وإنما هي مجلبة للفساد أيضا:
إن رجل الدولة الذي يحاول توجيه الأفراد إلى أسلوب استثمار رءوس أموالهم، لن يكلف نفسه عناء الاهتمام بأمر غير ضروري تماما فحسب، وإنما سيتولى أيضا مسئولية ليس من السهل إسنادها إلى أي شخص أو هيئة أو مجلس أيا كان، وهي سلطة لا يمكن أن يكون هناك أخطر منها عندما تقع في يد رجل يمتلك من الحماقة والوقاحة ما يكفي لدفعه إلى الاعتقاد بأنه قادر على ممارستها.
38 (5-3) التعريفات والإعانات
يسلم سميث بأنه قد يكون هناك ما يؤيد فرض تعريفات «مؤقتة» إذا كانت تجبر دول أخرى على إلغاء ما تفرضه من تعريفات، لكن يمكن القول عموما بأن مثل هذه السياسات إما أن تكون ضارة أو غير فعالة، وأنه ينبغي النظر بعين الريبة إلى من يؤيدها. فعلى سبيل المثال، التعريفات التي تفرضها بريطانيا على الخمور والبيرة الأجنبية يتم الدفاع عنها على أساس أنها تؤدي إلى الحد من إدمان الخمر، لكن سميث يرد على ذلك بأنه على الرغم من إساءة استخدام المشروبات الكحولية أحيانا، فإنه من الأفضل أن يكون بالإمكان شراؤها بسعر أرخص من تكلفة صناعتها محليا. ويشير أيضا إلى أن التعريفات المفروضة تفضل البرتغال على فرنسا، بحجة أن البرتغال مستهلك أفضل في وجهة نظر المصنعين البريطانيين. ويشكو سميث من أن «فنون التسلل التي يجيدها التاجر قليل الشأن تصل هكذا إلى مستوى المبادئ السياسية في سلوك إمبراطورية عظيمة».
39
ناپیژندل شوی مخ