في تلك الدقيقة كان إله الحنو يرفرف فوق ذينك الأقنومين، وهو يسكب في قلبيهما ماء حب قضت الملائكة عشرين عاما وهي تستقطره.
ولم ينفك ذلك العناق إلا والباب ينفتح والأب أمبروسيوس يدخل منه، وهو ممسك بيد هيفاء ويقول: ليكن اسم الله مباركا ومقدسا وممجدا.
ولما اقتربا منهما قال الأب أمبروسيوس: عانقي أباك يا هيفاء، هذا هو أبوك كان ميتا فعاش، وكان ضالا فوجد.
وكان الأب أمبروسيوس قبيل ذلك منصتا وراء الباب يسمع الحديث الذي جرى بين الأب والابن.
فتناول جورجي يدها وجذبها إليه وعانقها طويلا، وهو لا يستطيع كلاما؛ لأن دمعه كان أفصح بيانا، أما هيفاء فكانت مبهوتة كأنها لا تفهم كل ذلك.
ولما انتهى جورجي من عناقها أجلسها إلى جانبه، وقال: عانقي أخاك يوسف يا ابنتي يا هيفاء، عانق أختك يا يوسف يا ابني.
فارتمى الأخوان كل منهما على الآخر وتعانقا ، وما زالت هيفاء مبهوتة، وحدث سكوت عدة دقائق بتره يوسف بقوله: أين كانت هذه الأخت يا أبتاه؟ لا عهد لي بأن لي أختا.
فقال جورجي، أو بالأحرى الأمير خليل الخزامي: إن الذين لم يروموا أن يبقى لك أب ولا أم يا بني لم يروموا أن تعرف لك أختا، الأب أمبروسيوس يقص لكما حكاية نسبكما يا ولدي إذا كان عندكما شك به.
وبعد أن هدأت ثورة العواطف التي لم تشهد ملائكة السماء ثورة مثلها، روى كل أقنوم من الثالوث المتجمع بعد تشتته حكاية حاله.
وظلوا يتحادثون ويتعانقون حتى طلع الصباح، وكانت في ذلك المنزل ليلة سرور حسدته عليها السماء.
ناپیژندل شوی مخ