فأما الأعراض التى تلحقها بعد ذلك، فهى من جهة خزانها، وقلة علمهم بذلك، أو تهاونهم بحفظها. وذلك كالذى يعرض لها من العفن، إذا خزنت ندية، فكبس بعضها بعضا. وكذلك يعرض لها من المواضع التى تخزن فيها، إذا كانت المواضع ندية، كسفل الدور، وخاصة إذا لم تكن الأهوية تخترقها، والشمس تطلع عليها. فلذلك يجب أن تجفف أولا فى الظل، لأن الشمس تضعف قواها. والدليل على ذلك نقصان ألوانها، وروائحها. وبعد جفافها، تخزن فى المواضع المعتدلة الأهوية. وكذلك ينبغى أن تحفظ الأدوية الأرضية، كالأطيان، والأحجار، والأملاح، والزاجات والعصارات. فإن المواضع الندية تحل هذه، وتفسدها، كما قلنا قبل.
ويجب أيضا على الطبيب أن يحذر من الأدوية ما عتق، وطال مكثه، لأن قوى هذه تضعف، وأفعالها تنقص، وكثير منها يفسد، فيفعل الفساد لهرمها. ومنها ما يسرع إليه الفساد لما فيه من الدهنية، ولذلك يزنخ، ويتغير باليسير من النداء، كبزر الخشخاش، وبزر الكتان، والفجل، وأشباه هذه.
ويجب أن يحذر 〈الطبيب〉 خزن دوائين، أو أكثر، فى إناء واحد، لأن أحدهما يغير الآخر، والأقوى يفسد الأضعف، ويدل على ذلك اكتساب أحدهما من الآخر روائحه، وطعمه. ولذلك لا ينبغى أن يجعل دواء فى إناء قد كان فيه آخر، إلا بعد نقائه من الأول. فهذه الأشياء، وأشباهها، تفسد الأدوية، بتقصير خزانها، وتوانيهم، فتفسد، بغير قصد منهم لفسادها. فيكون الضرر الداخل على المريض فى علاجه، وعلى الطبيب فى عمله، عظيما، لا يستهان به. فلذلك يجب على الطبيب أن يتيقظ لذلك، ولا يعول، إذا وصف دواء، على أن يأخذه من الصيدنانى من اتفق ممن يخدم المريض، بل يجب على الطبيب أن ينظر إليه قبل استعماله.
مخ ۹۶