159

د ادب الطبيب کتاب

كتاب أدب الطبيب

ژانرونه

ولو برئ المريض بعد التعب الشديد، لقد كان فى قحة ذلك الطبيب الأول ما يحمله على أن يقول: إن البرء إنما حصل له بتدبيرى الأول! فيكون ما عمله الثانى تحت الشك. وأما إن مات المريض، فقد كان ما انساق إليه من البلاء أشد وأعظم، لأن ذلك الطبيب الأول يكون قد فاز بالفائدة، وتخلص من الورطة التى كان فيها، والتى كان يخشاها فيما بعد، من سوء الذكر، وغيره. ووقع ذلك الطبيب الثانى فى جميع ذلك، وتوسم به. ولعل من له من الحساد والأعداء، يجدون الفرصة من التشنيع عليه، بأنه أخطأ عليه، وقتله. ويقول أيضا الأول: لو كانوا تركونى وتدبيرى، لقد كان برئ! ومع جميع ذلك يذهب تعب الثانى، وإن كان أعطى أدوية من عنده، لم يحصل على شئ من ثمنها.

فلجميع هذه الأسباب، يرى الطبيب أن الصواب له — وخاصة إن رأى أن المريض لا برء له — ألا يعود إلى ذلك المريض. فإذا هو انصرف من عنده، ولم يعد، جاءته الرسل، لتعلق قلب المريض، وأهله، به. فحينئذ يقع فى المكروه الرائج، لأنه — إن كان ذلك المريض سلطانا، أو من حاشيته — أخذ قهرا، وربما سيق إلى حتفه. وإن كان المريض من متقدمى البلد، ومشائخه، لم يتهيأ له الامتناع عليه، لئلا يتسبب إليه أنواع المكاره، بذم ذلك الشيخ، وأصدقائه، له. فإذا تتابع عليه مثل ذلك الذم، مرة بعد مرة، لم يمكنه المقام معهم فى بلدهم. هذا إن سلم من رائج المكاره. وإن كان ذلك المريض من أشرار الناس، كان الفزع أشد، وأروج، لأن الأشرار لا يفكرون فيما يأتون به من القبيح، ولا يتوقفون 〈عن〉 عمله. وإن كان ذلك المريض من ضعفاء الناس، وفقرائهم، قيل عنه أنه لم يعن به لفقره، ولأنه لا يرجو منه فائدة.

مخ ۱۶۷