وعاد في حماسة وانبساط إلى إتمام كتابه عن الحب، واستطاع أن يكمل الفصل الذي كان قد أحدث له العقدة والغصة.
وظهر كتاب «الحب» فأقبل عليه الجمهور الذي يقدر الصراحة والأمانة فيمن يخدمونه، وحمل عليه النقاد بالسباب والبذاء؛ لأنهم مثقلون بمركبات لغوية وأدبية وفنية تحول بينهم وبين التفكير العصري الناضج.
الحركة الرومانتية الزاحفة
لا يزال يعاني الأدب العربي الحديث مرضا أصيلا، هو أنه اتباعي وليس ابتداعيا، أو - بالتعبير الأوروبي - هو كلاسي وليس رومانتيا، ولكنه يوشك أن يشفى من هذا المرض.
الأدب الاتباعي، الكلاسي، هو ذلك الذي «يتبع» ولا يبتدع، فهو يأخذ بأساليب القدماء وينزل على قواعدهم اللغوية والنحوية، ويستعيد صورهم وطرزهم الأدبية، ويلتزم تقاليدهم في القيم الأخلاقية والفنية ، هو أدب خاص يؤلف للخاصة الناعمة أو الجامدة.
الأدب الابتداعي هو الأدب «يبتدع» ويقتحم، ولا يبالي أن يغير في القواعد والقيم والصور والطرز، وهو أدب عام يؤلف للعامة؛ أي للشعب، وهو لذلك أدب ثائر على الأوضاع القديمة التي كانت تنكر حقوق الشعب.
ولنبدأ من البداية، فيما بين 1750 و1850 نجد في أوروبا حركة بل حركات اجتماعية وسياسية وأدبية، وجميعها صور مختلفة لنزعة واحدة، هي النزعة الرومانتية.
وكلمة رومانتية تشتق عن أصل لاتيني، وتعني العامة، أي عامة الشعب الجهلاء الفقراء، وليس خاصته الذين تعلموا اللغة اللاتينية (الفصحى) وعاشوا في ثراء.
ونحن نجد في هذه المائة من السنين، التي تقع بين منتصف القرن الثامن عشر والقرن التاسع عشر، أحداثا يحدث كل منها في ميدان يوهمنا البعد عن الآخر، ولكنه عند التأمل يتضح لنا أنه مرتبط به.
ففي الميدان السياسي نجد طرد الملوك الطغاة وتحطيم العروش وإيجاد النظم الجمهورية والبرلمانات الشعبية، بل نجد الأحزاب العصرية والحركات الشعبية، ففي هذه المدة مثلا ظهر «روبرت أوين» مخترع نظام التعاون وواضع كلمة الاشتراكية الأوروبية، كما نجد انهيار النظم الإقطاعية في أوروبا.
ناپیژندل شوی مخ