وهو، على الضد من الانفراديين، كان يدعو، أو بالأحرى نحن نفهم منه، أنه يقول بالاشتراكية المسيحية، ولكنه مع ذلك لم يكن معدودا من المؤمنين؛ فإن بعض مؤلفاته قد أحرق، كما طورد هو؛ لأنه اتهم بالكفر ...
وعجيب حقا أن يقال عنه إنه نقل الإحساس الديني من المسيحية إلى الطبيعة، وأن يؤلف كتابا عن التربية يقول فيه بمعاملة الأطفال بالحب بدلا من العصا، وأن تقول زوجته عقب وفاته: «وإذا لم يكن زوجي قديسا فلست أعرف من هو ذا القديس!» عجيب أن تتهم هذه الشخصية بالكفر ...
وهو يعد رائدا للأدب الحديث من حيث أسلوبه وأفكاره معا، فإنه يكتب في بساطة تكاد تكون سذاجة، وفي كتابه «الاعترافات» يكشف عن قلبه، ويقول كل شيء بلا عائق نفسي؛ ذلك لأنه يحب الناس ويأتمنهم على أسراره. •••
في عالمنا الحاضر - كما قلنا - نزعتان لكل منهما مركباتها.
الانفرادية، التي وصلت إلى الشطط عند المركيز دوساد، هي المباراة الحرة التي تقول بالموت للمهزوم، والتي يسرف دعاتها في شطط أيضا حين يتخذون شعارا: «الطبيعة حمراء بين الناب والمخلب.»
الانفرادية السادية هي التي عمل بها هتلر في سجونه مع كل من خالفه بالتعذيب.
والانفرادية - السادية - أيضا هي التي تبعث هذا الروح العدواني وتبصق على وجه الزنجي كأنه ليس إنسانا.
وهي التي تقول بأن العصا تربي الطفل، وأن المجرم يحتاج إلى التعذيب بالسجن الشاق.
وهي التي تقول، في فلسفتها أو غيبياتها، إن المرأة يجب أن تظل خادمة الرجل وليست زميلته.
هذه الانفرادية تعتمد على مذهب العدوان باعتباره أصيلا في الطبيعة، أليس تنازع البقاء من قوانين الطبيعة؟ وإذن لا مندوحة عن الحرب ونهب الشعوب وضرب المدن بالطائرات التي تقتل الشيخ والشاب والأم والطفل!
ناپیژندل شوی مخ