يا للعار! يا للخجل من هذا الأدب «الصعب» والأدب الملوكي!
والله لو ألف أدباء الشعب قصائدهم وقصصهم ومقالاتهم بلغة العامة، وكسروا ألف قاعدة من قواعد النحو، لكانوا أشرف من أحمد شوقي وعلي الجارم ومن سار خلفهما أو حذاءهما من الكتاب الملوكيين.
أجل والله، لقد قرأت باللغة العامية كلمات تشع بالإحساس النبيل، وتنطق بالحكمة البليغة لحسين شفيق المصري وأبي بثينة وبيرم التونسي، وأحببتهم بقدر ما كرهت هذا الذي سب رمز الشرف الوطني أحمد عرابي.
أدب الملوك والأمراء والباشوات هو هذا الأدب الذي يدعو إليه الدكتور طه حسين.
أذكر أني كنت أتحدث إلى أحمد شوقي عن كليوباطرة، وأن أنتقد مديحه لها في قصته المسرحية، فقال إنها ملكة مصرية رأى أن يزكي شرفها، فقلت: إنها بغي أجنبية! فدهش لكلامي، وأحسست الهوة التي تفصل بيني وبينه.
وقبل شهر كنت في دندرة وزرت معبدها، فرأيت صورة هذه البغي مع ابنها الذي كان ثمرة زنا قيصر بها، فلعنتهما، ولعنت شوقي، وبصقت في الهواء.
أجل، إن شوقي كان يمدح عباس أو فؤاد أو فاروق كما كان يمدح كليوباطرة اللعينة، ولم يفكر قط في مكان الشعب المصري مع كل هؤلاء.
أدب الملوك يحتاج إلى أن يكتب بلغة الخاصة؛ لأن أخص الخاصة هو الملك.
وأدب الملوك يحتاج إلى أن تكتب عن التاريخ القديم؛ لأنك بهذا الموضوع تفر من الواقع الحاضر وتسلي وتسامر، وكلمة «السمر» فرعونية للحديث مع الملوك والأمراء وتسليتهم ...
وأدب الملوك هو أن تلعن دعاة الثورة وتدعو إلى التقاليد؛ لأن التقاليد لا تتفق مع الثورات.
ناپیژندل شوی مخ