وقيل له يوما: كيف أصبحت يا أبا سعيد؟ فقال: والله ما من انكسرت به سفينة في لجج البحر بأعظم مني مصيبة، قيل: ولم ذلك؟ قال: لأني من ذنوبي على يقين، ومن طاعتي وقبول عملي على وجل، لا أدري أقبلت مني، أم ضرب بها وجهي؟ فقيل له: فأنت تقول ذلك يا أبا سعيد؟! فقال: ولم لا أقول ذلك؟! وما الذي يؤمنني أن يكون الله سبحانه وتعالى قد نظر إلي وأنا على بعض هناتي نظرة مقتني بها، فأغلق عني باب التوبة، وحال بيني وبين المغفرة، فأنا أعمل في غير معتمل؟
وقال له آخر: كيف حالك يا أبا سعيد؟ فقال: شر حال، قال: ولم ذلك؟ قال: لأني امرؤ أنتظر الموت إذا أصبحت، وإذا أمسيت، ثم لا أدري على أي حالة أموت؟
ودخل عليه رجل وهو يبكي، فقال: ما يبكيك -أصلحك الله-؟ فقال: (أخاف) والله أن يدخلني مالكي النار ولا يبالي.
وسأله عن الطامة رجل؟ فقال: هي الساعة التي يدفع الناس فيها إلى عذاب جهنم وبئس المصير؛ نعوذ بالله من النار، ومن عمل يؤدي إلى النار.
وذكرت النار يوما في مجلسه فقال: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يخرج غدا من النار رجل بعد أن يقيم فيها أعواما))، ثم قال الحسن: ليتني كنت ذلك الرجل.
وكان يقول: ما صدق عبد بالنار إلا ضاقت عليه الأرض بما رحبت، ولا والله ما صدق عبد بالنار إلا ظهر ذلك في لحمه ودمه.
مخ ۲۷