17

ادب د دنيا او دين

أدب الدنيا والدين

خپرندوی

دار مكتبة الحياة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۰۷ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تصوف
الْبُلَغَاءِ أَفْضَلُ النَّاسِ مَنْ عَصَى هَوَاهُ، وَأَفْضَلُ مِنْهُ مَنْ رَفَضَ دُنْيَاهُ. وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: إذَا أَنْتَ لَمْ تَعْصِ الْهَوَى قَادَك الْهَوَى ... إلَى كُلِّ مَا فِيهِ عَلَيْك مَقَالُ قَالَ ابْنُ الْمُعْتَزِّ ﵀: لَمْ يَقُلْ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ سِوَى هَذَا الْبَيْتِ. وَقَالَ الشَّاعِرُ: إذَا مَا رَأَيْت الْمَرْءَ يَعْتَادُهُ الْهَوَى ... فَقَدْ ثَكِلَتْهُ عِنْدَ ذَاكَ ثَوَاكِلُهْ وَقَدْ أَشْمَتَ الْأَعْدَاءَ جَهْلًا بِنَفْسِهِ ... وَقَدْ وَجَدَتْ فِيهِ مَقَالًا عَوَاذِلُهْ وَمَا يَرْدَعُ النَّفْسَ اللَّجُوجَ عَنْ الْهَوَى ... مِنْ النَّاسِ إلَّا حَازِمُ الرَّأْيِ كَامِلُهْ فَلَمَّا كَانَ الْهَوَى غَالِبًا وَإِلَى سَبِيلِ الْمَهَالِكِ مَوْرِدًا جَعَلَ الْعَقْلَ عَلَيْهِ رَقِيبًا مُجَاهِدًا يُلَاحِظُ عَثْرَةَ غَفْلَتِهِ، وَيَدْفَعُ بَادِرَةَ سَطْوَتِهِ، وَيَدْفَعُ خِدَاعَ حِيلَتِهِ؛ لِأَنَّ سُلْطَانَ الْهَوَى قَوِيٌّ، وَمَدْخَلٌ مَكْرِهِ خَفِيٌّ. وَمِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ يُؤْتَى الْعَاقِلُ حَتَّى تَنْفُذَ أَحْكَامُ الْهَوَى عَلَيْهِ أَعْنِي بِأَحَدِ الْوَجْهَيْنِ: قُوَّةَ سُلْطَانِهِ وَبِالْآخَرِ خَفَاءَ مَكْرِهِ. فَأَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فَهُوَ أَنْ يَقْوَى سُلْطَانُ الْهَوَى بِكَثْرَةِ دَوَاعِيهِ حَتَّى يَسْتَوْلِيَ عَلَيْهِ مُغَالَبَةُ الشَّهَوَاتِ فَيَكِلُّ الْعَقْلُ عَنْ دَفْعِهَا، وَيَضْعُفُ عَنْ مَنْعِهَا، مَعَ وُضُوحِ قُبْحِهَا فِي الْعَقْلِ الْمَقْهُورِ بِهَا، وَهَذَا يَكُونُ فِي الْأَحْدَاثِ أَكْثَرَ وَعَلَى الشَّبَابِ أَغْلَبَ؛ لِقُوَّةِ شَهَوَاتِهِمْ؛ وَكَثْرَةِ دَوَاعِي الْهَوَى الْمُتَسَلِّطِ عَلَيْهِمْ وَإِنَّهُمْ رُبَّمَا جَعَلُوا الشَّبَابَ عُذْرًا لَهُمْ، كَمَا قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرٍ: كُلٌّ يَرَى أَنَّ الشَّبَابَ لَهُ ... فِي كُلِّ مَبْلَغِ لَذَّةٍ عُذْرَا وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْهَوَى مَلِكٌ غَشُومٌ، وَمُتَسَلِّطٌ ظَلُومٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: الْهَوَى عَسُوفٌ، وَالْعَدْلُ مَأْلُوفٌ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ: يَا عَاقِلًا أَرْدَى الْهَوَى عَقْلَهُ ... مَالَك قَدْ سُدَّتْ عَلَيْك الْأُمُورُ أَتَجْعَلُ الْعَقْلَ أَسِيرَ الْهَوَى ... إنَّمَا الْعَقْلُ عَلَيْهِ أَمِيرُ وَحَسْمُ ذَلِكَ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْعَقْلِ عَلَى النَّفْسِ النُّفُورَةِ فَيُشْعِرُهَا مَا فِي عَوَاقِبِ

1 / 30