15

ادب د دنيا او دين

أدب الدنيا والدين

خپرندوی

دار مكتبة الحياة

د ایډیشن شمېره

الأولى

د چاپ کال

۱۴۰۷ ه.ق

د خپرونکي ځای

بيروت

ژانرونه

تصوف
الْمَرْءُ بِحَالَةٍ جَلِيلَةٍ نَالَهَا بِغَيْرِ عَقْلٍ، وَمَنْزِلَةٍ رَفِيعَةٍ حَلَّهَا بِغَيْرِ فَضْلٍ. فَإِنَّ الْجَهْلَ يُنْزِلُهُ مِنْهَا، وَيُزِيلُهُ عَنْهَا، وَيَحُطُّهُ إلَى رُتْبَتِهِ، وَيَرُدُّهُ إلَى قِيمَتِهِ، بَعْدَ أَنْ تَظْهَرَ عُيُوبُهُ، وَتَكْثُرَ ذُنُوبُهُ، وَيَصِيرَ مَادِحُهُ هَاجِيًا، وَوَلِيُّهُ مُعَادِيًا. وَاعْلَمْ أَنَّهُ بِحَسَبِ مَا يُنْشَرُ مِنْ فَضَائِلِ الْعَاقِلِ، كَذَلِكَ يَظْهَرُ مِنْ رَذَائِلِ الْجَاهِلِ، حَتَّى يَصِيرَ مَثَلًا فِي الْغَابِرِينَ، وَحَدِيثًا فِي الْأَخِرِينَ، مَعَ هَتْكِهِ فِي عَصْرِهِ، وَقُبْحِ ذِكْرِهِ فِي دَهْرِهِ، كَاَلَّذِي رَوَاهُ عَطَاءٌ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ فِي بَنِي إسْرَائِيلَ رَجُلٌ لَهُ حِمَارٌ. فَقَالَ: يَا رَبِّ لَوْ كَانَ لَك حِمَارٌ لَعَلَفْته مَعَ حِمَارِي. فَهَمَّ بِهِ نَبِيٌّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ: إنَّمَا أُثِيبُ كُلَّ إنْسَانٍ عَلَى قَدْرِ عَقْلِهِ. وَاسْتَعْمَلَ مُعَاوِيَةُ رَجُلًا مِنْ كَلْبٍ فَذُكِرَ الْمَجُوسُ يَوْمًا عِنْدَهُ فَقَالَ: لَعَنَ اللَّهُ الْمَجُوسَ يَنْكِحُونَ أُمَّهَاتِهِمْ، وَاَللَّهِ لَوْ أُعْطِيتُ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ مَا نَكَحْت أُمِّي. فَبَلَغَ ذَلِكَ مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: - قَبَّحَهُ اللَّهُ - أَتَرَوْنَهُ لَوْ زَادُوهُ فَعَلَ؟ وَعَزَلَهُ وَوَلَّى الرَّبِيعَ الْعَامِرِيَّ - وَكَانَ مِنْ النَّوْكَى - عَلَى سَائِرِ الْيَمَامَةِ فَأَقَادَ كَلْبًا بِكَلْبٍ فَقَالَ فِيهِ الشَّاعِرُ: شَهِدْت بِأَنَّ اللَّهَ حَقًّا لِقَاؤُهُ ... وَأَنَّ الرَّبِيعَ الْعَامِرِيَّ رَقِيعُ أَقَادَ لَنَا كَلْبًا بِكَلْبٍ وَلَمْ يَدَعْ ... دِمَاءَ كِلَابِ الْمُسْلِمِينَ تَضِيعُ وَلَيْسَ لِمَعَارِّ الْجَهْلِ غَايَةٌ، وَلَا لِمَضَارِّ الْحُمْقِ نِهَايَةٌ. قَالَ الشَّاعِرُ: لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ يُسْتَطَبُّ بِهِ ... إلَّا الْحَمَاقَةَ أَعْيَتْ مَنْ يُدَاوِيهَا

1 / 28