226

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

خپرندوی

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

السادسة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

والخلاف فيه ناشئ عن تعارض الأصل والظاهر كما تقدم. إذ الظاهر أن المقصود به التشريع، لصلته بالعبادة، والأصل عدم هذا القصد. والذي نرجحه أنه لا يدل على الاستحباب، وإنما قصاراه أن يدل على الجواز في العبادة، كرفضه ﷺ التنشيف من الغسل بالمنديل، وجعل ينفض الماء بيده. واستعماله آنية من أنواع معينة في الوضوء، وكالضجعة بعد ركعتي الفجر، وأكله من كبد أضحيته يوم عيد الأضحى، وذهابه إلى عرفة من طريق ضب، ورجوعه من طريق المأزمين، وركوبه أثناء الطواف والسعي والوقوف، وكون الركوب في تلك المواضع على بعير. فكل ذلك دالّ على الإباحة فقط، ولا قدوة فيه.
وهذا يفسّر لنا قلّة عناية الصحابة ﵃ بنقل أفعاله التي من هذا النوع، حيث إنها على الإباحة، وهي الأصل. والله أعلم.
وقد قال ابن عباس ﵄ في المبيت بالمحصَّب بعد النفر: "المحصّب ليس من النسك، إنما هو منزل نزله رسول الله ﷺ ليكون أسمح لخروجه".
إلاّ أن احتمالًا يرد هنا، وهو أن يقال: إن احتمال عدم قصد التعبّد بهذا النوع يقتضي عدم اعتباره جزءًا من العبادة. ولكن الاستحباب فيه وارد في جهة أخرى هي موافقة صورة ما عمله النبي ﷺ، فيثبت الاستحباب. وقد أشار إلى هذا ابن السبكي، قال في مسألة التحصيب: "قال أصحابنا: يستحبّ النزول به، ولو تركه لم يؤثّر في نسكه لأنه ليس من مناسك الحج" (١).
وقد تقدّم القول في هذا عند ذكر متابعات ابن عمر في القسم الأول، وبيّنا ما نعتمده في ذلك. والله ولي التوفيق.
الدرجة الرابعة: ما وضّح فيه أنه ليس مقصودًا به التعبّد، ولكن وقع لغرض جبليّ أو نحوه، فلا إشكال في أن ذلك يدل على الإباحة مطلقًا، أو إذا وجد

(١) القواعد ١١٥ أ.

1 / 235