291

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

خپرندوی

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

شمېره چاپونه

السادسة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

الإجماع، وإما القرائن الأخرى، ولا يصلح الفعل وحده دليلًا. ولذلك قال الجصاص: "أُمرنا بالاقتداء به ﷺ على وصف هو أن نصلي كما رأيناه يصلي. فنحتاج أن نعلم كيف صلّى من ندب أو فرض فنفعل مثله" (١).
فإن لم يوجد دليل مميّز، فنحن قاطعون بأن الفعل ليس بيانًا للحكم بل يدخل في ما يأتي من الفعل المجرد، في الفصل التالي إن شاء الله.
وأما الحديث الثاني: هو "خذوا عني مناسككم" فهو خطاب عام للأمة، ولا يمكن فيه دعوى الخصوص، لأنه ﷺ قاله لجمهور الحجاج، وهو على بعيره يرمي جمرة العقبة (٢). وفي رواية: "قاله قبل يوم التروية وخروجهم للحج. فلا يرد هنا ما قلناه في الحديث الأول من امتناع دلالته على البيان العام" (٣).
وأما الوجه الآخر الذي قلناه في الحديث السابق فيأتي هنا، فإن النبي ﷺ فعل في حجته أفعال الحج كلّها من واجب، ومندوب. ولا يتميّز بالفعل واجبه من مندوبه، فلا يصلح الفعل بيانًا في ذلك، ما لم يقترن بكل فعل جزئي قرينة تدل على أنه بيان.
ويضاف هنا وجه ثالث، وهو أن قوله ﷺ: "خذوا عني مناسككم" لا يتعيّن أن يكون المراد به ملاحظة أفعاله بخصوصها، بل يصدق على الأخذ عنه ﷺ من أقواله بسؤاله عما يشكل عليهم، والاستماع إلى ما يأمر به ويرشد إليه.
فأقصى ما يدل عليه الحديث، أن يدل على مشروعية أفعاله ﷺ في الحج، أما التفريق بين واجبها ومندوبها فلا بدّ من المصير إلى وجه آخر في الدلالة على ذلك. وحكم أفعاله ﷺ من هذه الناحية حكم سائر الأفعال المجرّدة.
والخلاصة: أن هذين الحديثين لا يصلحان دليلًا على أن أفعاله ﷺ في

(١) أصول الجصاص ق ٢١٠ أ.
(٢) صحيح مسلم (كتاب الحج ح ٣١٠) ومسند أحمد ٣١٨/ ٣، ٣٢٧، ٣٢٨
(٣) مسند أحمد ٣٦٦/ ٣

1 / 300