154

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

خپرندوی

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

السادسة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

سادسًا: السهو والنسيان:
أما فيما لا يتعلق بالبلاغ وبالتكليف، كأنْ ينسى ما سمعه من القصص والأخبار وكلام الناس، فلا إشكال في جواز ذلك.
وفي القرآن إشارات إلى أن الله تعالى قد يُنسي نبيه ﷺ شيئًا مما أوحاه إليه من القرآن مما يريد تعالى أن ينسخه، كقوله تعالى: ﴿سنقرئك فلا تنسى إلّا ما شاء الله﴾ (١)، وقوله: ﴿ما ننسخْ من آية أو نُنْسِها نأت بخير منها أو مثلها﴾ (٢).
وأما سائر ما يوحى إليه ﷺ من القرآن، والأقوال التي يأمره بتبليغها، فهو معصوم من النسيان فيها بالإجماع. فإن قوله تعالى: ﴿سنقرئك فلا تنسى﴾ يدل على أن الله تعالى يعصمه من نسيانه، وكذلك قوله تعالى: ﴿لا تحرك به لسانك لتعجل به * إن علينا جمعه وقرآنه﴾ (٣) وجمعه، كما قال المفسرون، جمعه في صدره ﷺ حتى لا يفقد منه شيء.
ولكن ورد في بعض الأحاديث أنه ﷺ نسي بعض الآيات. ففي سنن أبي داود عن ابن عمر: أن رسول الله ﷺ صلّى صلاة، فقرأ فيها، فلبِّس عليه. فلما انصرف قال لأبي بن كعب: "أصليت معنا؟ " قال: نعم. قال: "فما منعك" قال الخطابي: إسناده جيد.
وروى أبو داود أيضًا عن مسور بن يزيد المالكي، قال: شهدت رسول الله ﷺ يقرأ في الصلاة، فترك آية من القرآن، فقيل: يا رسول الله: آية كذا وكذا تركتها. قال: "فهلا ذكرتنيها".
فإن صحّ الحديث بذلك، فالذي ينبغي أن، يقال: إنه إذا أبلغ النبي ﷺ أصحابه ما أوحي إليه به، وخاصة إذا كتب في المصحف، فقد حصل البلاغ وتأدَّت الأمانة، فلا يمتنع أن ينسى ﷺ شيئًا منه. قال ذلك ابن عطية (٤).

(١) سورة الأعلى: آية ٦
(٢) سورة البقرة: آية ١٠٦
(٣) سورة القيامة: آية ١٦
(٤) الزركشي: البحر المحيط ٢/ ٢٤٦ ب.

1 / 160