123

Acts of the Messenger ﷺ and Their Indications for Sharia Rulings

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

خپرندوی

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

د ایډیشن شمېره

السادسة

د چاپ کال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

د خپرونکي ځای

بيروت - لبنان

ژانرونه

وقد نوقش الاستدلال بهذه الوقائع باحتمال أنه ﷺ خُيِّر فيها تخييرًا خاصًا.
والسياق يأبى هذا الاحتمال، كما لا يخفى.
أدلة المانعين:
وقد احتجّ القاضي عبد الجبار (١) للمنع من التفويض، بأن الشرائع إنما يَتَعَبَّد الله بها الناس لكونها مصالح، والإنسان قد يختار الفساد، فلو أباح الله تعالى للإنسان أن يحكم بمجرد اختياره، لكان ذلك إباحة للحكم بما لا يأمن كونه فسادًا.
وقد أكّد هذا الاستدلال أبو الحسين البصري وأخذ به.
ونقضه الآمدي بأنه مبنيّ على رعاية المصلحة في أفعال الله تعالى، فمن لا يرى ذلك لا يلزمه القول بمقتضى دليل القاضي؛ ومن سلم رعاية المصلحة في أفعاله تعالى، فإن التفويض لا يكون إلاّ مع التسديد للمصلحة باللطف الخفي، وبذلك يؤمن اختيار الفساد، كما هو واضح في الوقائع التي حصل الاحتجاج بها. واختار ابن السمعاني القول بأنها ينبغي أن تُبنى على مسألة العصمة، فلما كان النبي ﷺ معصومًا، جاز التفويض إليه. وهو وجيه.
فالحقُّ أن التفويض إلى النبي ﷺ قد وقع، ولو في مسائل قليلة.
تنبيه: قال السمعاني: "هذه المسألة أوردها متكلمو الأصوليين، وليست بمعروفة بين الفقهاء، وليس فيها كبير فائدة، وقد وجد في حق النبي ﷺ، فقلنا على ما وُجد" (٢).
ولسنا معه في قوله: "ليس فيها كبير فائدة". فإن معرفة المسلم للطرق التي تصدر بها الأحكام عن نبيه ﷺ أمر له خطورته.

(١) المعتمد لأبي الحسين البصري ص ٨٩٠
(٢) القواطع ق ٢٨٩ ب.

1 / 129